روى أحمد ومسلم وغيرهما عن عمر بن الخطاب «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو يوم بدر : اللهم أنجز ما وعدتني ، اللهم أنجز ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد فى الأرض أبدا ـ وما زال يستغيث ربه ويدعوه حتى سقط رداؤه ، فأتاه أبو بكر فأخذ رداؤه فرداه به ثم التزمه من ورائه ، ثم قال : يا نبى الله كفاك مناشدتك لربك ، فإنه سينجز لك ما وعدك ، وأنزل الله يومئذ «إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ» الآية.
(لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ) أي إن المقصود من نصركم بامداد الملائكة أن يهلك طائفة منهم ، ويخزى طائفة أخرى ويغيظهم بالهزيمة ، فيرجعوا خائبين لا أمل لهم فى نصر.
وعبر بالطرف لأنه أقرب إلى المؤمنين من الوسط ، فهو أول ما يوصل إليه من الجيش ، وقد أهلك الله من المشركين طائفة أول الحرب يوم أحد ، قدر عددهم بنحو ثمانية عشر رجلا.
وعبر بالخيبة دون اليأس ، لأن الأولى لا تكون إلا بعد توقع النصر وانتظاره ، والثانية بعده وبدونه ، وضد الخيبة الظفر ، وضد اليأس الرجاء.
ثم أتى بجملة معترضة بين ما قبلها وما بعدها لبيان أن الأمر كله بيد الله فقال :
(لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) أي ليس إليك أيها الرسول من أمر خلقى إلا أن تنفذ فيهم أمرى ، وتنتهى فيهم إلى طاعتى ، ثم أمرهم بعد ذلك ، والقضاء فيهم بيدي دون غيرى ، أقضى فيهم وأحكم بالذي أشاء من التوبة ، أو عاجل العذاب بالقتل والنقم ، أو آجله بما أعددت لأهل الكفر بي من العذاب فى الآخرة.
(أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ) أي ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم أو يتوب عليهم أو يعذبهم ، ليس لك من الأمر شىء.
روى أحمد والبخاري والترمذي والنسائي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد : اللهم العن أبا سفيان ، اللهم العن الحارث بن هشام ،