اللهم العن سهيل بن عمرو ، اللهم العن صفوان بن أمية فنزلت هذه الآية فتاب الله عليهم كلهم».
وروى أحمد ومسلم عن أنس «أن النبي صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد ، وشجّ فى وجهه حتى سال الدم على وجهه ، فقال : كيف يفلح قوم فعلوا بنبيهم هذا وهو يدعوهم إلى ربهم ، فأنزل الله (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) الآية.
وإن لما حدث فى وقعة أحد لحكما دينية واجتماعية وحربية يمكن أن نحملها لك فيما يلى :
كان المؤمنون فى وقعة بدر واثقين بنصر الله لنبيه وإظهار دينه ، لم يضعف إيمانهم بذلك قلتهم وضعفهم ، ولا إخراج المشركين للمهاجرين من ديارهم وأموالهم ، ولما رأوا تباشير النصر ازدادوا إيمانا بأنهم المنصورون ، وأن جندهم هم الغالبون ولكن خيّل إلى الكثير منهم أن النصر سيكون بالآيات ، وخوارق العادات ، من غير التزام السنن الإلهية التي جعلها الله فى هذا الكون ، وبنى عليها نظم الحياة ، وأن وجود الرسول بين ظهرانيهم ، ودعاءه ربه واستغاثته إياه أشد نكالا بالعدو من اتباع السنن الظاهرة التي من أهمها التزام النظام العسكري وإطاعة القائد ، وجودة التعبئة ، وحسن الحيلة ، والتدبير فى وضع الخطط الحربية ، إلى نحو أولئك.
وفاتهم أن الدين الإسلامى دين الفطرة ، لا دين خوارق العادات ، وسلوك طريق المعجزات.
فلما قصّروا فى الأخذ بالأسباب يوم أحد ظهر عليهم عدوهم ، وجرح الرسول ، وإن كان هو لم يقصر ولم ينهزم ، ولكن البلاء إذا نزل لا يخص من كان السبب فى وجوده كما قال تعالى : «وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً» وكان من هذا درس عظيم للمؤمنين لمسوه بأيديهم وعلموا أن الرسول بشر ليس له من أمر العباد شىء ، وإنما هو معلّم وأسوة حسنة فيما يعلم ، والأمر كله لله يدبره بمقتضى سننه فى الخلق.