تفسير المفردات
الكتاب : هو التوراة ، وكيلا : أي كفيلا تكلون إليه أموركم ، شكورا أي كثير الشكر ، وقضينا : أي أعلمنا بالوحى ، لتعلن : أي لتستكبرنّ عن طاعة الله ، والوعد أي الموعد به وهو العقاب ، والبؤس والبأس والبأساء : الشدة والمكروه كما قال الراغب إلا أن البؤس كثر استعماله فى الفقر والحرب ، والبأس والبأساء فى النكاية بالعدو ، جاسوا خلال الديار : توسطوها وترددوا بينها ، والكرة : الدّولة والغلبة ؛ وأصل الكر العطف والرجوع ، والنفير والنافر : من ينفر مع الرجل من عشيرته وأهل بيته ، والتتبير : الهلاك وهى كلمة نبطية كما روى عن سعيد بن جبير وكل شىء كسرته وفتته فقد تبرته ، ما علوا : أي ما غلبوا واستولوا عليه من بلادكم ، والحصير : السجن كما قال ابن عباس.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه فى الآية الأولى أنه أكرم عبده ورسوله بالإسراء من مكة إلى بيت المقدس ـ أردف ذلك ذكر ما أكرم به موسى قبله من إعطائه التوراة وجعلها هدى لبنى إسرائيل ، ليخرجهم من ظلمات الكفر والجهل إلى نور العلم والهدى ، ثم قفّى على ذلك ببيان أنهم ما عملوا بهديها ، بل أفسدوا فى الأرض فسلط الله عليهم البابليين أثخنوا فيهم وقصدوهم بالقتل والنهب والسلب.
ولما تابوا أزال عنهم هذه المحنة ، وأعاد لهم الدّولة ، وأمدهم بالأموال والبنين ، وجعلهم أكثر عددا مما كانوا ، ثم عادوا إلى عصيانهم وقتلوا زكريا ويحيى عليهما السلام ، فسلط الله عليهم من أدال دولتهم مرة أخرى ، فأعمل فيهم السيف ، وسلب ونهب ، وجاس خلال ديارهم ، فدخل بيت المقدس كرة أخرى بالقهر والغلبة والإذلال ، وأهلك ما أهلك مما قد جمعوه وكنزوه ، ثم أوعدهم على عصيانهم بالعقاب فى الآخرة بنار جهنم ، وبئس السجن هى لمن عصى الله وخالف أوامر دينه.