إلى أبى قبيس (جبل بمكة) وقال لو أن رجلا أنفق مثل هذا فى طاعة الله لم يكن من المسرفين ، ولو أنفق درهما واحدا فى معصية الله كان من المسرفين.
وأنفق بعضهم نفقة فى خير وأكثر فقيل له : لا خير فى السرف ، فقال : لا سرف فى الخير.
وعن عبد الله بن عمر قال : «مر رسول الله بسعد وهو يتوضأ ، فقال ما هذا السرف يا سعد؟ قال : أو فى الوضوء سرف؟ قال نعم وإن كنت على نهر جار».
وروى أحمد عن أنس بن مالك أنه قال : أتى رجل من تميم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال يا رسول الله إنى ذو مال كثير وذو أهل وولد وحاضرة ، فأخبرنى كيف أنفق ، وكيف أصنع؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : «تخرج الزكاة من مالك إن كان ، فإنها طهرة تطهّرك ، وتصل أقرباءك ، وتعرف حق السائل والجار والمسكين» فقال : يا رسول الله أقلل لى ، قال «فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا» فقال حسبى يا رسول الله إذا أديت الزكاة إلى رسولك فقد برئت منها إلى الله ورسوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : نعم إذا أديتها إلى رسولى فقد برئت منها ولك أجرها ، وإثمها على من بدّ لها».
وعن على كرم الله وجهه قال : ما أنفقت على نفسك وأهل بيتك فى غير سرف ولا تبذير ، وما تصدقت فلك ، وما أنفقت رياء وسمعة فذلك حظ الشيطان.
ثم نبه سبحانه إلى قبح التبذير بإضافته إلى الشياطين فقال :
(إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ) تقول العرب لكل من لازم سنة قوم واتبع أثرهم هو أخوهم ، أي إن المفرّقين أموالهم فى معاصى الله المنفقيها فى غير طاعته قرناء الشياطين فى الدنيا والآخرة كما قال «ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانا فهو له قرين» وقال : «احشروا الّذين ظلموا وأزواجهم» أي قرناءهم من الشياطين.
(وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) أي وكان الشيطان لنعمة ربه التي أنعم بها عليه