ثم بين سبحانه عظمة ملكه ، وكبير سلطانه فقال :
(تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ) أي إن السموات السبع والأرض ومن فيهن من المخلوقات ، تنزهه وتعظمه عما يقول هؤلاء المشركون ، وتشهد له بالوحدانية فى ربوبيته وألوهيته كما قال أبو نواس :
وفى كل شىء له آية |
|
تدل على أنه واحد |
والمكلف العاقل يسبّح ربه إما بالقول كقوله : سبحان الله ، وإما بدلالة أحواله على توحيده وتقديسه ، وغير العاقل لا يسبح إلا بالطريق الثاني ، فهى تدل بحدوثها دلالة واضحة على وجوب وجوده تعالى ووحدانيته ، وقدرته وتنزهه عن الحدوث ، فإن الأثر يدل على مؤثره.
ثم أكد ما سلف بقوله :
(وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) أي وما شىء من المخلوقات إلا يسبح بحمد الله أي يدل بإمكانه وحدوثه دلالة واضحة على وجوب وجوده تعالى ، ووحدته وقدرته ، وتنزهه عن لوازم الحدوث.
والخلاصة ـ إن كل الأكوان شاهدة بتنزهه تعالى عن مشاركته للمخلوقات فى صفاتها المحدثة.
(وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) أي ولكن لا تفهمون أيها المشركون تلك الدلالة ، لأنكم لما جعلتم مع الله آلهة ، فكأنكم لم تنظروا ولم تفكروا ، إذ النظر الصحيح ، والتفكير الحق ، يؤدى إلى غير ما أنتم فيه ، فأنتم إذا لم تفقهوا التسبيح ، ولم تستوضحوا الدلالة على الخالق.
(إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) فمن حلمه أن أمهلكم ، ولم يعاجلكم بالعقوبة على غفلتكم وسوء جهلكم بهذا التسبيح بإشراككم به سواه ، وعبادتكم معه غيره ، ومن مغفرته لكم أنه لا يؤاخذ من تاب منكم.
أخرج أحمد وابن مردويه عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال. «إن