استهزاء ، يقال نغض رأسه ينغض نغضا إذا تحرك ، وأنغض رأسه : حركه كالمتعجب من الشيء ، فتستجيبون : أي تجيبون الداعي.
المعنى الجملي
اعلم أن أمهات المسائل التي دار حولها البحث فى الكتاب الكريم الإلهيات ، والنبوات والبعث والجزاء والقضاء والقدر ، وقد تكلم فيما سلف فى الإلهيات ثم أتبعه بذكر شبهاتهم فى النبوات ، وفنّدها بما لا مجال للرد عليه ، ولا لدحضه وتكذيبه ، ثم ذكر فى هذه الآيات شكوكهم فى المعاد والبعث والجزاء ، ورد عليها بما لو نظر إليه المنصف لأيقن بصدق ما يدّعى ، وألزم نفسه تصديق ما يقال.
الإيضاح
(وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً؟) أي وقال الذين لا يؤمنون باليوم الآخر من المشركين : أئذا كنا عظاما فى قبورنا ، لم نتحطم ولم نتكسر بعد مماتنا ، ورفاتا متكسرة مدقوقة ، أئنا لمبعوثون بعد مصيرنا فيها ، وقد بلينا فتكسرت عظامنا ، وتقطعت أوصالنا ـ خلقا جديدا كما كنا قبل الممات.
ومثل الآية قوله تعالى حكاية عنهم : «يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ؟ أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً. قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ» وقوله : «وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ؟ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ».
وقد أمر الله رسوله أن يجيبهم ، ويعرفهم قدرته على بعثه إياهم بعد مماتهم ، وإنشائه لهم كما كانوا قبل بلاهم خلقا جديدا ، على أي حال كانوا ، عظاما أو رفاتا أو حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر فى صدورهم فقال :
(قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً. أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ) أي قل كونوا حجارة