لأنا نقول : ان الخصوصية داعية الى الإقدام على الضرر وتحمله لا أن دفع الزائد معها ليس بضرر كي يقال : دفعه بدونه ضرر جاء من قبلها.
وان كان إرضاعها لضرورة كالخوف عليها من التلف ، فقد قيل بعدم ضمانها هنا ، وان قلنا بضمانها ، لو قصدت به الإفساد ، لأن الفعل جائز لها ، بل واجب عليها ، فكان كما لو حفر بئرا في ملكه ، فإنه لا يضمن المتردي فيها ، مضافا الى كونها محسنة «ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ» (١).
وفيه : وضوح الفرق بين المقام المستلزم لصدق الإتلاف والضرر على الزوج ، وبين حفر البئر غير المستلزم المتردي فيها ، والإحسان ـ لو سلم إيجابه الجبران في المقام فغايته الرجوع على الصغيرة في مالها بما تغرم للزوج ، لا عدم ضمانها له بما أضرته به أو أتلفته عليه ، ولو اشتركا في السبب ، فستعرف الكلام فيه ان شاء الله.
الثاني : لو كان له زوجتان : كبيرة ، وصغيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة ـ حرمت الكبيرة مؤبدا ، لأنها صارت أم زوجته ، وأم الزوجة محرمة أبدا ، والصغيرة كذلك ، ان كان الرضاع بلبنة أو لم يكن ولكن دخل بها ، لأنها على الأول بنته ، وعلى الثاني ربيبته التي دخل بأمها ، وكل منهما لا ينفك التحريم عنه ، وان لم يدخل بها انفسخ به نكاح الصغيرة أيضا ، لامتناع نكاح الأم وبنتها ، وإبطال أحدهما بالخصوص ترجيح بلا
__________________
(١) فقرة من آية (٩١) من سورة التوبة ، وتمام الآية هكذا : «لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلّهِ وَرَسُولِهِ ، ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» أي ما عليهم سبيل بالحجة والعقوبة والمؤاخذة بحكم إحسانهم وتفضلهم.