«ذكر الشاهد السبب في الشهادة : قد يكون سببا كما في صورة الترجيح وقد يكون فعله وتركه سواء كما في صور كثيرة ، وقيل قد يكون ذكر السبب قادحا في الشهادة كما لو قال : اعتقد أن هذا ملكه للاستصحاب وان كان في الحقيقة مستندا إلى الاستصحاب. وكذا لو صرح بأن هذا ملكه» علمته بالاستفاضة ، وهذا ضعيف ، لأن الشرع جعل الاستفاضة من أسباب التحمل ، فكيف يضر ذكرها ، وانما يضر ذكر الاستصحاب ان قلنا به لأنه يؤذن بشكه في البقاء ، ولو أهمل ذكره وأتى بصورة الجزم زال الوهم. ولو قيل بعدم الضرر أيضا ، كان قويا. وكذا الكلام لو قال : هو ملكه ، لأني رأيت يده عليه أو رأيته يتصرف فيه بغير مانع وغاية ما يقال : ان الشاهد ليس له وظيفة ترتب المسببات على الأسباب إنما يشهد بما يعلم ، وانما ذلك وظيفة الحكام. قلنا : إذا كان الترتيب شرعيا وحكاه الشاهد ، فقد حكى صورة الواقعة ، فكيف ترد الشهادة بما هو مستندها في الحقيقة (١) انتهى.
وبالجملة : لو كان في المقام أصل موضوعي يمكن استناده كأصالة الصحة ، والاستصحاب ونحوهما لا مانع من الاستناد إليه ، لأن الأصل ـ حينئذ ـ يكون بالنسبة إليه كالرؤية بعد فرض اعتباره.
لا يقال : أن الأصل لا يوجب العلم بالمشهود به ، ولا ريب أن العبرة بالعلم لا غير ، كما يستفاد من الأخبار المتواترة.
لأنا نقول : معنى اعتبار الامارة ترتب جميع الآثار على ما قامت عليه ، ومن المعلوم أن جواز الشهادة أيضا من الآثار ، فلا بأس بأدائها
__________________
(١) توجد هذه العبارة في قواعد الشهيد الأول محمد بن مكي العاملي الدمشقي المتوفى سنة ٧٨٦ ه. ص ١٧٠ طبع إيران حجري بعنوان : قاعدة في ذكر السبب في الشهادة.