العلم (ودعوى) ثبوت الولاية للأنبياء ، إنما هو لعلمهم ، لأنها من جملة آثاره ويدور مداره في الوجود فتثبت للعلماء أيضا ، لوجود ما هو مناط وجودها فيهم أيضا (مدفوعة) بأن الملازمة على تقدير تحققها انما تستلزم وجودها لهم في الجملة ، دون القدر الثابت منها للنبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ لقوة احتمال تبعية الولاية للعلم في المقدار.
وأما الثانية ، فبتقريب أن الأمين له الولاة فيما هو أمانة عنده من مال المؤتمن ـ بالكسر ـ وبعمومه المستفاد من حذف المتعلق يشمل الولاية التي هي من ماله أيضا ، حسبما عرفت في الإرث ، فأمناء الرسل أمناء لما لهم الذي منه الولاية. وعليه فتكون الامانة حينئذ : هي في صفات الرسل من العلم بالأحكام والولاية ونحوهما. ويمكن أن يقرر وجه آخر وهو أنهم أمناء على الرعية ، فتكون هي المقصود بأمانة ، فكما أن الأمين له ولاية حفظ الامانة بجميع معاني حفظها عن التلف والفساد بحيث يكون حافظا لوجودها ولسلامتها ، فكذلك في المقام ، لتحقق هذا المعنى فيهم : من وجوب حفظهم فيما يرجع إليهم من صلاح أمور معادهم ومعاشهم من الفساد والإفساد ، وهو معنى الولاية التامة والرئاسة الكبرى الثابتة للنبي صلّى الله عليه وآله ، والامام عليه السلام.
وفيه : ما تقدم أيضا : من أن الحمل على العموم انما هو حيث لا يكون هناك ما يتبادر منه أو ينصرف اليه المطلق المفروض وجوده هنا ، وهو كونهم أمناء في تبليغ الأحكام وإرشادهم إلى معرفة الحلال والحرام كما يعطي تصريح بعضها بالامناء على الحلال والحرام ، مضافا الى كفاية
__________________
ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ، لأن العلماء ورثة الأنبياء لأن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وانما ورثوا العلم فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر».