وأما في غير ذلك فليس له ولاية التصرف ، وان كان له فيه المصلحة والا لجاز التصرف للحاكم في أموال الغيّب والتقلب فيها للاسترباح لهم المقطوع بعدم جوازه ، للأصل ، وقاعدة المنع عن التصرف في مال الغير إلا باذنه. والتشبث للجواز بدليل الإحسان (١) من الوهن بمكان ، وإلّا لجاز في الحاضر أيضا ، لأنه إحسان عليه ، بل ومع منعه عنه ، ولم يذهب اليه وهم فضلا عن القول به.
نعم يجب عليه حفظه ، لا من باب الحكومة والسياسة ، بل للاذن المستفاد بشاهد الحال ، أو لقاعدة نفي الضرر الموجب لوجوبه كفاية على كل من يقدر عليه وان كان غير الحاكم ، سواء تعلق الحفظ بالعين أم بالمنفعة ، ولعل جواز البيع فيما يتسارع اليه الفساد من ذلك أيضا ، لرجوعه إلى حفظه ولو بحفظ ماليته ، فيجب عليه كفاية ، لا ولاية فتأمل ، من غير فرق في المنع عن التصرف فيما ذكرنا بين أقسام الغيّب حتى المجهول ماله المفقود أثره ، فلا يتصرف في أمواله ، ولو بالقسمة بين ورثته حتى بعد الفحص عنه واليأس منه ، على الأقوى ، وعليه المعظم كما في (المسالك) (٢) للأصل ولزوم تعطيل حق الوارث فرع تحقق كونه مالكا بالإرث وتنزيل الظن بالموت بعد الفحص منزلة اليقين بعد تسليمه ـ كما ستعرف ـ مخصوص بما دل على اعتباره في خصوص بينونة الزوجة :
__________________
(١) انطلاقا من قوله تعالى «وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» ـ كما في سورة البقرة آية ١٩٥ ـ
(٢) مسالك الأفهام في شرح شرائع الإسلام للشهيد الثاني ـ قده ـ كباب الفرائض ، المسألة الثامنة من مسائل ثمانية : المفقود يتربص بماله.
تعليقا على قول المحقق (وقال في الخلاف : لا يقسم حتى تمضي مدة لا يعيش مثله إليها) قال : «هذا هو الأقوى تمسكا بالأصل وعليه المعظم».