الوقف لنفسه أو لغيره بالنص والإجماع (١) ـ هو : أن الواقف : (مرة) يوقف العين وقفا عاما على نوع أو جهة ويجعل وليا عليه من دون أن يعين كيفية خاصة زائدة على عنوان الوقف على ذلك النوع أو تلك الجهة بل يجعل كيفيات التصرف والصرف في مصرفه موكولا إلى نظر الولي ، فله بحسب الجعل من الواقف أنحاء التصرف فيه إلا ما ينافي عنوان الوقف إذا لم يعيّن عليه كيفية خاصة ، بل جعلها موكولة اليه ومنوطة بنظره ، فليس لأحد الرد عليه في تصرف من تصرفاته إلا ما كان منافيا للوقف وعنوانه.
(وأخرى) يعين كيفيات مخصوصة ، ويقررها في جعل الوقف ، ويجعل وليا عليه بحسب ما قرره وعينه من الكيفية المخصوصة ، إلا أن غرضه من جعل النظارة على الواقف إعطاء منصب له عليه وعود منفعة ـ مالية كحق التولية أو اعتبارية أو هما معا ـ اليه بحيث يكون جلّ مقصوده مصلحة الولي مقدما على مصلحة الموقوف عليه ، كما لعله يقصد ذلك كثيرا في جعلهم النظارة لأولادهم للتوصل به إلى أغراضهم الدنيوية في حق أولادهم وعليه فليس له أن يتصرف فيه لغير ما قرره من الكيفية المجعولة بأصل الوقف ، لأنها غير موكولة إلى نظره كالأول : (وثالثة) يجعل وليا وغرضه
__________________
(١) وخالف ابن إدريس في (السرائر) في جواز جعلها للنفس مطلقا ، ولكنه خلاف الإجماع. قال العلامة في (التذكرة) : في مسألة أن الواقف أحق بالتولية : «حق التولية للواقف في الأصل ، لأن أصل قربة الوقف منه ، فهو أحق أن يقوم بايصائها وصرفها في مظانها ومواردها. فاذا وقف ، فلا يخلو : إما أن يشترط التولية لنفسه أو لغيره أو يطلق ولا يذكر شيئا. فإن شرطها لنفسه صح ولزم لأنه أكد بشرطه بمقتضى الأصل ـ إلى قوله ـ : ولا نعلم فيه خلافا. وإن شرطها لغيره لزم ـ عندنا ـ ولم يجز لأحد مخالفته عند علمائنا ..».