النبإ» (١).
وأما الثاني ففي جواز الاقدام على ما يصدر منه من التصرف ، ولو مدعيا فيه المصلحة ومراعاة الغبطة ، إشكال ، ما لم يحرز ذلك فيه بنفسه ، فلا يجوز اشتراء مال الطفل من الفاسق المتصدي لبيعه ، ما لم يحرز المشتري الغبطة له في بيعه ، إذ لم يقع منه فعل حتى يحمل على الصحيح بل هو متصد لوقوعه ، وغير مصدق في دعواه الغبطة ، وان كان الاخبار بها مرجعه غالبا إلى علمه الذي لا يعلم الا من قبله. وهذا بخلاف العادل المصدق في خبره بالنسبة إلى المخبر به في الواقع ، وان كان من علمه الذي هو طريق له اليه ، وليست المصلحة مما لا طريق الى ثبوتها الا بعلم المخبر الذي لا يعلم إلا من قبله حتى يجب تصديق الفاسق في خبره لترتب المخبر به عليه.
وبعبارة أخرى : تصديق خبر العادل بحكم مفهوم آية النبإ ولزوم التبين في خبر الفاسق بحكم منطوقها انما هو في كل منهما بالنسبة إلى المخبر به ، دون نفس الخبر وبالجملة ، الحكم هنا ـ وهو جواز التصرف في مال الطفل ـ محمول على تصرف فيه الغبطة له ، فيجب أولا إحراز الموضوع في ترتب الحكم عليه ، فلا بد في كل فعل يقع بين اثنين من إحراز الموضوع لكل منهما في ترتب الحكم عليه. ولعله يعطي ذلك وقوع السؤال عن حل الشراء وطيبة في خبر إسماعيل بن سعد ، الدال بمفهوم الجواب على ثبوت البأس إذا لم يقم عدل في ذلك.
وعليه فيجوز ـ بل يجب ـ أخذ المال من يد الفاسق المتصدي لبيعه ما لم تعلم الغبطة فيه ، لأن عموم أدلة القيام بذلك المعروف لا ترفع اليد
__________________
(١) وهي قوله تعالى ـ كما في سورة الحجرات ـ ٦ ـ «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ».