منصور بن حازم : «قلت للصادق (ع) : عشرة كانوا جلوسا ووسطهم كيس فيه ألف درهم ، فسأل بعضهم بعضا : ألكم هذا الكيس؟ فقالوا كلهم : لا ، فقال واحد منهم : هو لي ، فلمن هو؟ قال (ع) : هو للذي ادعاه» (١) الخبر. فإنه حكم عليه السلام بأنه لمن ادعاه ، وليس الا لكونه مدعيا له بلا معارض لما لا يد لأحد منهم عليه ، بعد أن نفاه كل منهم عن نفسه وان نوقش فيه بأنه من الحكم له باليد لأن توسط الكيس بينهم أوجب صدق اليد لهم عليه ، فاذا نفى من نفى منهم عن نفسه ثبتت اليد لمن لم ينف فضلا عن دعواه بكونه له. وأشار إليها في محكي (السرائر) حيث قال ـ بعد ذكر الصحيحة : «ان هذا الحديث صحيح وليس هذا مما أخذه بمجرد دعواه وانما هو لما لم يثبت له صاحب سواه واليد على ضربين. يد مشاهدة ويد حكمية ، فهذا يده عليه يد حكمية لأن كل واحد منهم نفى يده عنه وبقي يد من ادعاه عليه حكمية. ولو قال كل واحد من الجماعة في دفعة واحدة أو متفرقا : هو لي ، لكان الحكم فيه غير ذلك. وكذلك لو قبضه واحد من الجماعة ثم ادعاه غيره ، لم تقبل دعواه بغير بينة ، لأن اليد المشاهدة عليه لغير من ادعاه ، والخبر الوارد في الجماعة : أنهم نفوه عن أنفسهم ولم يثبتوا لهم عليه يدا لا من طريق الحكم ولا من طريق المشاهدة ، ومن ادعاه له عليه يد من طريق الحكم ، فقبل فيه دعواه من غير بينة ، فافقه ما حررناه. وأيضا إنما قال : ادعاه من حيث اللغة لأن الدعوى الشرعية من ادعى في يد غيره عينا أو دينا» (٢) انتهى.
قلت : قوله : انما قال ادعاه من حيث اللغة إلخ دفعا لما يتوهم من أن قوله ـ عليه السلام في الجواب ـ هو للذي ادعاه ، كونه له من جهة دعواه لا
__________________
(١) الوسائل ، كتاب القضاء باب ١٧ حديث (١).
(٢) كتاب القضاء من السرائر ، أخريات باب النوادر في القضاء.