والمراد بالأصل : هو القاعدة الشرعية المعمول بها في الواقعة المخصوصة سواء كان من الأصول الأولوية العملية كأصالة البراءة وأصالة العدم واستصحابه ، أم الثانية كأصالة الصحة ونحوها ، أو الظواهر المعتبرة كقاعدة اليد ونحوها ، فالمدار في كل خصومة على ما هو مقتضى الأصل المعمول به فيها ، فمن يكون قوله مخالفا كان مدعيا.
وبعد تبيّن معنى الأصل الموجب لصدق المدعي على من كان قوله مخالفا له ، ظهر لك عدم ورود ما قيل عليه ـ كما في الجواهر ـ من إجمال التعريف به : «لأنه ان كان المراد مخالفة مقتضى كل أصل بالنسبة إلى تلك الدعوى ، فلا ريب في بطلانه ضرورة أعمية المدعى من المخالفة للأصل ، فان كثيرا من أفراده موافقة لأصل العدم غيره ، ولكنها مخالفة لأصل الصحة ونحوه ، وان أريد مخالفة أصل في الجملة ، فلا تمييز فيه عن المنكر الذي قد يخالف أصلا من الأصول» (١) انتهى.
ضرورة أنه لا مسرح ولا مجرى للأصل الأولي بعد حكومة الأصل الثانوي عليه حتى تكون مخالفته مناطا في الصدق ، فلو تنازعا في صحة المعاملة وفسادها كان من يدعى الفساد مدعيا لمخالفة قوله الأصل المعمول به في الخصومة وهو أصالة الصحة ، ومن يزعم الصحة منكرا لموافقة قوله له وان كان مخالفا للأصل الأولى وهو عدم الانتقال والتملك لعدم العبرة به
__________________
(١) قال ـ في ضمن النظر الرابع في أحكام الدعاوي ، في شرح قول المحقق : وكيف عرفناه فالمنكر في مقابله : «وعلى كل حال ، لا يخفى عليك أيضا أنه ليس شيء منها منطبقا على معنى المدعي الذي قد عرفت وانما المراد بتعريفه بذلك التمييز بذكر شيء من خواصه اللازمة أو الغالبة وان خرجت عن مفهومه ، مع انه قد يناقش أيضا بأن فيه إجمالا لأنه ان كان ..» إلخ.