ومنها ما قيل من : لزوم خروج المنجز من الأصل اختلال حكمة حصر الوصية في الثلث لإمكان التجاء كل من يريد الزيادة في الوصية إلى عقد منجز فيعاوض جميع ماله بدرهم ـ مثلا ـ فرارا عن رد الوصية.
وفيه : ان جريان مثل ذلك في الفقه غير عزيز بل نظائره أكثر من أن تحصى ، فإن بيع الأثمان يعتبر فيه التقابض بخلاف الصلح عليها فيجوز الالتجاء إلى الصلح ، وكذلك الربا ، بناء على اختصاصه بالبيع ، مع ما ذكر في محله من الحيل الشرعية لتحصيل ما يراد أخذه من الربا وكذا التخلص عن حق الشفعة بالصلح ، بناء على اختصاصها بالبيع ، وعن خيار المجلس بغير البيع من العقود ، الى غير ذلك ، ومنها كونه مقتضى الجمع بين النصوص بالجمع الدلالى (١) حملا لإطلاق الأحقية ونحوه القاضي بنفوذ جميع التصرفات على التقييد بما دل على المنع عن بعضها من التبرع والمحاباة.
__________________
(١) التعارض ـ بمصطلح الأصوليين ـ : هو تنافي الدليلين اللفظيين التأمين من حيث الحجية ولقد اشتهر بينهم أن الجمع بينهما أولى من الطرح إذ بحكم التكاذب بينهما لا يمكن الأخذ بهما معا فلا بد إذا إما من تذويب التكاذب واقعا بالجمع بينهما ، أو اللجوء إلى المرجحات السندية المشهورة الخمسة أو الستة ، وأخيرا فيتساقطان. ولقد بحث الأصوليون طرقا للجمع بينهما بعضها محل وفاق ، وبعضها محل خلاف في الصحة ، وأهم طريق متفق عليه في كيفية الجمع الجمع الدلالى ، وهو الجمع العرفي وقد يسمى بالجمع المقبول أي عند العرف ، وموارده كثيرة ، بعضها أظهر من بعض وربما نوقش في صحة بعضها. ومن موارده المتفق عليها ما إذا كان أحد الدليلين قرينة وشاهدا على التصرف بمدلول الآخر فيحمل ذلك الآخر عليه فحينئذ يذوب التكاذب واقعا بين الدليلين وان كان ظاهرا بينهما.