وحده إلى فلاء ، وفرش الرماد فجلس عليه تائبا إلى الله ، ورواية رابعة تذهب إلى أن سليمان قال لبعض الشياطين كيف تفتنون الناس؟ فقال أرني خاتمك أخبرك ، فلما أعطاه إياه نبذه في البحر ، فذهب ملكه وقعد هذا الشيطان على كرسيه أربعين يوما ، عدد ما عبد الوثن في بيته ، ثم أعطاه أحد الصيادين سمكة فبقر بطنها ، فإذا هو بالخاتم فتختم به ، ووقع ساجدا لله ، ورجع إليه ملكه ، ثم أخذ ذلك الشيطان وأدخله في صخرة وألقاها في البحر (١).
هذا وقد أظهر حذاق العلماء ، كابن كثير وابن حزم وابن العربي والفخر الرازي والنسفي والزمخشري وأبي حيان وغيرهم (٢) زيف هذه الأساطير ، يقول الإمام الفخر الرازي في التفسير الكبير : واعلم أن أهل التحقيق استبعدوا هذا الكلام من وجوه (الأول) أن الشيطان لو قدر على أن يتشبه بالصورة والخلقة بالأنبياء ، فحينئذ لا يبقى اعتماد على شيء من
__________________
ـ مرتفعة لكموش رجس المؤابيين على الجبل الذي تجاه أورشليم ، ولو لك رجس بني عمون ، وهكذا فعل لجميع نسائه الغريبات اللواتي كن يوقدن ويذبحن لآلهتهن» ؛ وهكذا تصور توراة يهود ، النبي الكريم ، وهو يختم حياته ، وغضب الرب ، والعياذ بالله ، قد حلّ به ، لأن قلبه مال عن الرب ولم يحفظ وصاياه ، (انظر : سفر الملوك الأول ١١ / ١ ـ ١٣ ، محمد بيومي مهران. إسرائيل ٣ / ٢١٣ ـ ٢١٨) ، وانطلاقا من كل هذا ، فإن هذه الروايات التي ذكرها بعض المفسرين والمؤرخين ، شأنها شأن ما جاء بتوراة يهود ، إنما هي أكاذيب ضد النبي الكريم عليهالسلام.
(١) انظر : تفسير الفخر الرازي ٢٦ / ٢٠٧ ـ ٢٠٨ ، تفسير الطبري ٢٣ / ١٥٧ ـ ١٥٨ ، تفسير ابن كثير ٤ / ٥٣ ـ ٥٥ ، تاريخ الطبري ١ / ٤٩٦ ـ ٤٩٧ ، الكامل لابن الأثير ١ / ١٣٣ ـ ١٣٥ ، تاريخ اليعقوبي ١ / ٥٩ ـ ٦٠.
(٢) انظر : تفسير ابن كثير ٤ / ٥٥ ، تفسير البحر المحيط ٧ / ٣٩٧ ، تفسير الكشاف ٣ / ٣٧٥ ، تفسير الفخر الرازي ٢٦ / ٢٠٨ ـ ٢٠٩ ، تفسير النسفي ٤ / ٤٢ ، ابن حزم : الفصل في الملل والأهواء والنحل ـ القاهرة ١٩٦٤ ـ الجزء الثالث ص ٢٠ ، ابن العربي : أحكام القرآن ٤ / ١٦٣٨ (فاس ١٣٧٦ ه) ، محمد محمد أبو شهبة : الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير ـ القاهرة ١٣٩٣ ه ص ٣٨٠.