الشرائع ، فلعل هؤلاء الذين رآهم الناس في صورة محمد وعيسى وموسى عليهمالسلام ، ما كانوا أولئك بل كانوا شياطين تشبهوا بهم في الصورة لأجل الإغواء والإضلال ، ومعلوم أن ذلك يبطل الدين بالكلية ، و (الثاني) أن الشيطان لو قدر على أن يعامل نبي الله سليمان بمثل هذه المعاملة ، لوجب أن يقدر على مثلها مع جميع الأنبياء والزهاد ، وحينئذ وجب أن يقتلهم وأن يمزق تصانيفهم وأن يخرب ديارهم ، ولما بطل ذلك في حق آحاد العلماء فلأن يبطل مثله في حق أكابر الأنبياء أولى ، و (الثالث) كيف يليق بحكمة الله وإحسانه أن يسلط الشيطان على أزواج سليمان؟ ولا شك أنه قبيح ، و (الرابع) لو قلنا أن سليمان أذن لتلك المرأة في عبادة تلك الصورة فهذا كفر منه ، وإن لم يأذن فيه البتة فالذنب على تلك المرأة ، فكيف يؤاخذ الله سليمان بفعل لم يصدر عنه؟.
وأما الوجوه التي ذكرها أهل التحقيق في هذا الباب فأشياء الأول أن فتنة سليمان أنه ولد له ابن ، فقالت الشياطين إن عاش صار متسلطا علينا مثل أبيه فسبيلنا أن نقتله ، فعلم سليمان ذلك فكان يريبه في السحاب فبينما هو مشتغل في مهماته إذ ألقى ذلك الولد ميتا على كرسيه فتنبه على خطئه في أنه لم يتوكل فيه على الله ، فاستغفر ربه وأناب ، و (الثاني) روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «قال سليمان لأطوفن الليلة على سبعين امرأة كل واحدة تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله ، ولم يقل إن شاء الله ، فطاف عليهن فلم تحمل إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل فجيء به على كرسيه فوضع في حجره ، فو الذي نفسي بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا كلهم في سبيل الله فرسانا أجمعون» ، فذلك قوله تعالى : (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ) ، و (الثالث) ولقد فتنا سليمان بسبب مرض شديد ألقاه الله عليه ، وألقينا على كرسيه منه جسدا وذلك لشدة المرض ، و (الرابع) لا يبعد أن يقال إنه ابتلاء الله تعالى بتسليط خوف وتوقع بلاء من بعض الجهات عليه ، وصار بسبب قوة ذلك الخوف كالجسد