أسسه غيرهما (١) ، كما ذهب برهان الدين الزركشي إلى أن سليمان عليهالسلام ، إنما كان له من المسجد الأقصى تجديده لا تأسيسه (٢) على أن الأستاذ رشيد رضا يذهب إلى أن هذا التفسير ضعيف لأنه سماه بيتا ، ولو جعل المكان مسجدا ولم يبن فيه لما سمى بيتا ، بل مسجد أو قبلة ، ثم إن ذلك مبنى على القول بأن إبراهيم هو الذي بنى أول مسجد للعبادة في أرض بيت المقدس ، وذلك معقول ، وإن لم يكن عندنا نص صريح (٣).
هذا ويذهب ابن قيم الجوزية إلى أن الذي أسس بيت المقدس إنما هو يعقوب عليهالسلام ، وأن سليمان كان مجددا له ، وإلى هذا ذهب ابن كثير أيضا ، حيث يقول : وعند أهل الكتاب أن يعقوب عليهالسلام هو الذي أسس المسجد الأقصى (٤) ، وهو مسجد إيليا بيت المقدس شرفه الله ، وهذا متجه ويشهد له ما ذكرناه من الحديث (يعني حديث أبي ذر المشهور) فعلى هذا يكون بناء يعقوب ، وهو إسرائيل عليهالسلام ، بعد بناء الخليل وابنه إسماعيل المسجد الحرام بأربعين سنة سواء (٥) كما ذهب إلى نفس الرأي
__________________
(١) فتح الباري ٦ / ٤٠٨ ، تفسير القرطبي ٤ / ١٣٨.
(٢) الزركشي : إعلام الساجد بأحكام المساجد ص ٣٠.
(٣) تفسير المنار ٤ / ٧ (القاهرة ١٩٧٣).
(٤) يذهب أهل الكتاب ، كما جاء في العهد القديم ، إلى أن داود عليهالسلام ، كان أول من فكر في بناء المسجد الأقصى ، بل وقد اشترى مكانه من رجل يبوسى يدعى «أرنان» (أرونا أو أرونة) كان قد اتخذه جرنا أو يبدر ، وكان قد عرض على داود أن يأخذ المكان بلا مقابل ، فرفض داود واشتراه منه ، وكذا بقرا ليقدمه محرقة للرب ، بخمسين شاقلا من الفضة ، وتذهب الرواية إلى داود قد منع من بناء البيت ، لأن ذلك سيكون من نصيب ولده سليمان ، ولكنها قد سجلت معاونة داود الفعالة لولده سليمان في إقامة البيت ، وذلك بتجهيز المواد اللازمة للبناء ، فضلا عن كميات من الذهب والفضة والنحاس والحديد وغيرها (صموئيل ثان ٢٤ / ١٦ ـ ٢٥ ، أخبار أيام ثان ٢٢ / ١ ـ ١٩ ، محمد بيومي مهران : إسرائيل ٢ / ٨٤٣ ـ ٨٤٤ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ١١١ ـ ١١٢) ثم قارن : تفسير ابن كثير ٤ / ٥٨ (ط بيروت ١٩٨٦).
(٥) ابن كثير : البداية والنهاية ١ / ١٦٣ ، ٢ / ٢٩٨.