الزركشي في إعلام الساجد (١) ، والحميري في الروض المعطار (٢) ، وأخيرا فلقد ربط البعض بناء المسجد الأقصى ، كما ربطوا بناء المسجد الحرام من قبل ، بالملائكة ، وربطه آخرون بآدم عليهالسلام ، بل إن فريقا رابعا ربطه بسام بن نوح عليهالسلام (٣) ، وجاء في تفسير القرطبي أن آدم هو الذي بنى المسجد الأقصى ، بعد بنائه للبيت العتيق بأربعين عاما ، وأن يعقوب قد أقام قواعده وجدده فقط ، بعد أن رفع جده إبراهيم عليهالسلام القواعد من البيت العتيق (٤).
ويذهب الدكتور عويد المطرفي إلى أن أقرب الروايات إلى المعقول أن الذي بنى المسجد الأقصى تأسيسا ، إنما هو سيدنا إبراهيم الخليل عليهالسلام ، بعد فراغه من بناء الكعبة المشرفة ، ورجوعه إلى مستقرة بالشام (٥) ، كما استظهر ذلك أبو حيان في تفسيره لقوله تعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ) (٦) ، من أن إبراهيم عليهالسلام ، كما وضع الكعبة ، وضع بيت المقدس (٧).
وفي الواقع فإن كثيرا من المفسرين والمؤرخين إنما يذهبون إلى أن سليمان عليهالسلام هو الذي بنى بيت المقدس ، ففي تفسير أبي السعود أن سليمان لما أتم بناء بيت المقدس تجهز للحج ، وهناك في مكة كان يذبح كل
__________________
(١) الزركشي : المرجع السابق ص ٣٠.
(٢) الحميري : الروض المعطار في خبر الأقطار ، تحقيق إحسان عباس ، بيروت ١٩٧٥ ص ٥٥٦.
(٣) مجير الدين الحنبلي : الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل النجف ١٣٨٨ ه ، الجزء الأول ص ٨ ، فتح الباري ٦ / ٤٠٩ ، الزركشي : المرجع السابق ص ٣٠.
(٤) تفسير القرطبي ٤ / ١٣٨ ، فتح الباري ٦ / ٤٠٨ ـ ٤٠٩.
(٥) عويد المطرفي : المرجع السابق ص ١٤٩.
(٦) سورة آل عمران : آية ٩٦.
(٧) تفسير البحر المحيط ٣ / ٦.