الذي طويت له الأرض ومكن له فيها ، وأوتي من كل شيء ، فلست أدري ما ذا يعني المؤلفان بذلك ، وهل تبق حقا أمة مشركة في عهد سليمان بعد إيمان ملكة سبأ ، وهل أصبحت مصر الفرعونية أو العراق القديم مثلا ، وهما أقرب إلى فلسطين مقر مملكة سليمان من اليمن ، من الأمم المسلمة في عهد سليمان؟ ثم ، وهذا في منتهى الأهمية ، هل بعث سليمان للناس عامة ، أم أنه بعث إلى قومه خاصة ، ذلك أنه من المعروف أن كل نبيّ إنما كان يبعث إلى قومه خاصة ، وأن سيدنا محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم هو وحده الذي بعث إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا «قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا» ، «وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا» ، وفي الصحيحين عن جابر قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي ، نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة» (١).
ثم إن المؤلفين مضطربان في نسب سليمان عليهالسلام ، فهو مرة نبي عربي ، وهو مرة أخرى من بني إسرائيل من سلالة يعقوب (إسرائيل) بن إسحاق بن إبراهيم عليهمالسلام ، وهذا هو الصحيح ، ثم كيف يكون سليمان نبيّا عربيا ، وسيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول في حديث أبي ذر المشهور : وأربعة من العرب ، هود وصالح وشعيب ونبيّك يا أبا ذر» (٢) ، وفي رواية : «وأربعة من العرب ، هود وصالح وشعيب ومحمد عليهالسلام» (٣).
بقي الآن أن نتحدث عن رأي المفسرين والمؤرخين المسلمين في قوله تعالى :
__________________
(١) تفسير ابن كثير ٣ / ٨٥٧.
(٢) البداية والنهاية تفسير ابن كثير ١ / ٨٩١ ـ ٨٩٢ (بيروت ١٩٨٦).
(٣) تفسير النسفي ١ / ٢٦٣ ـ ٢٦٤.