وأدوم والأرمن (أي الآراميين) وهذا لا يعدو أيضا فلسطين وشرق الأردن (١).
وإذا ما رجعنا إلى كتب التفسير لرأينا الأستاذ سيد قطب ، طيب الله ثراه ، يقول في تفسير الآية الكريمة : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) ، أن أقرب تأويل لهذا الطلب من سليمان عليهالسلام لم يرد به أثره ، وإنما أراد الاختصاص الذي يتجلى في صورة معجزة ، فقد أراد به النوع ، أراد به ملكا ذا خصوصية تميّزه من ملك كل ملك آخر يأتي بعده ، وذا طبيعة معينة ليست مكررة ولا معهودة في الملك الذي يعرفه الناس ، وقد استجاب الله له ، فأعطاه فوق الملك المعهود ، ملكا خاصا لا يتكرر (٢) ، ثم يحدد صاحب الظلال هذا الملك المعهود بأنه لا يتجاوز ما يعرف الآن بفلسطين وسورية ولبنان والعراق إلى ضفة الفرات (٣) ، أي الشام بمعنى آخر ، لا أكثر ولا أقل ، أو لا ينبغي لأحد أن يسلبه مني بعده هذه السلبة (يعني الشيطان الذي جلس على كرسيه) أو لا يصح لأحد من بعدي لعظمته (٤) ، ويقول النسفي أن سليمان عليهالسلام سأل ملكا بهذه الصفة (لا ينبغي لأحد من بعدي) ليكون معجزة له ، لا حسدا (٥) ، وكان قبل ذلك لم يسخر له الريح والشياطين ، فلما دعا بذلك
__________________
(١) تاريخ ابن خلدون ٢ / ١١٢.
(٢) في ظلال القرآن ٥ / ٣٠٢٠.
(٣) في ظلال القرآن ٥ / ٢٦٣٥.
(٤) الدر المنثور ٥ / ٣١٣.
(٥) تفسير البيضاوي ٥ / ١٩.
(٦) جاء في تفسير الطبري (٢٣ / ١٦٤ ط بيروت ١٩٨٤) ذكر عن الحجاج بن يوسف الثقفي أنه قرأ قوله تعالى : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) فقال : «إنه كان لحسودا ، فإن ذلك ليس من أخلاق الأنبياء ، قيل : أما رغبته إلى ربه فيما رغب إليه من الملك ، فلم ـ