له دعائه ، فأعطيناه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده) ، «فسخرنا له الريح» مكان الخيل التي شغلته عن الصلاة «تجري بأمره رخاء» يعني رخوة لينة ، وهي من الرخاوة عن الحسن : أن نبيّ الله سليمان صلىاللهعليهوسلم لما عرضت عليه الخيل ، فشغله النظر إليها عن صلاة العصر «حتى توارت بالحجاب» فغضب الله ، فأمر فعقرت ، فأبدله الله مكانها ، سخر الريح تجري بأمره رخاء حيث شاء ، ومنها ما روى عن الضحاك في قوله تعالى : (وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) ، فإنه دعا يوم دعا ، ولم يكن في ملكه الريح ، وكل بناء وغواص من الشياطين فدعا ربه عند توبته واستغفاره ، فوهب الله له ما سأل ، فتم ملكه ، وعن الضحاك أيضا «والشياطين كل بناء وغواص» قال لم يكن هذا في ملك داود ، أعطاه الله ملك داود ، وزاده الريح ، «والشياطين كل بناء وغواص وآخرين مقرنين في الأصفاد» ، يقول في السلاسل ، ويقول الإمام الطبري : وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب ، القول الذي ذكرناه عن الحسن والضحاك من أنه عني بالعطاء ما أعطاه الله تعالى ذكره من الملك ، وذلك أنه جل ثناؤه ذكر عقيب خبره عن مسألة نبيّه سليمان ، صلوات الله وسلامه عليه ، إياه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده ، فأخبره أنه سخر له ما لم يسخر لأحد من بني آدم ، وذلك تسخيره له الريح والشياطين على ما وصفت ، ثم قال له عز ذكره : هذا الذي أعطيناك من الملك ، وتسخير ما سخرنا لك عطاؤنا ، ووهبنا لك ما سألتنا أن نهبه لك من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعدك «فامنن أو أمسك بغير حساب» (١).
ويقول الإمام الفخر الرازي في التفسير الكبير في تفسير الآية : أن الملك هو القدرة ، فكان المراد أقدرني على أشياء لا يقدر عليها غيري البتة ، ليصير اقتداري عليها معجزة تدل على صحة نبوتي ورسالتي ، والدليل على صحة هذا الكلام أنه تعالى قال عقيبه : (فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً
__________________
(١) تفسير الطبري ٢٣ / ١٥٨ ـ ١٦٣ (ط بيروت ١٩٨٤).