والولد فلم يبق من قلبي شعبة إلا قد دخله ذلك ، فأخذت ذلك كله مني ، وفرغت قلبي ، فليس يحول بيني وبينك شيء ، لو يعلم عدوي إبليس بالذي صنعت حسدني ، قال فلقي إبليس من ذلك منكرا ، قال وقال أيوب عليهالسلام : يا رب إنك أعطيتني المال والولد ، فلم يقم على بابي أحد يشكوني لظلم ظلمته ، وأنت تعلم ذلك ، وإنه كان يوطأ لي الفراش فأتركها ، وأقول لنفسي يا نفسي إنك لم تخلقي لوطء الفراش ، ما تركت ذلك إلا ابتغاء وجهك (١).
هذا وقد أشار القرآن الكريم إلى محنة أيوب ، وكيف أنه لجأ إلى الله طالبا كشف الضر عنه ، وراجيا رحمة ربه ، فاستجاب الله له فكشف عنه الضر وأبدله خيرا مما فقد منه ، يقول تعالى : (وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ) (٢) ، ويقول صاحب الظلال : وقصة ابتلاء أيوب من أروع قصص الابتلاء ، والنصوص القرآنية تشير إلى مجملها دون تفصيل ، وهي في هذا الوضع تعرض دعاء أيوب ، واستجابة الله للدعاء ، لأن السياق (في سورة الأنبياء) سياق رحمة الله بأنبيائه ورعايته لهم في الابتلاء ، سواء كان الابتلاء بتكذيب قومهم لهم وإيذائهم ، كما في قصص إبراهيم ولوط ونوح ، أو بالنعمة كما في قصة داود وسليمان ، أو بالضر كما في حال أيوب (٣).
على أن المفسرين أنما يذهبون مذاهب شتى في تفسيرهم لقول أيوب «أني مسني الضر» ، فرواية تذهب إلى أن البلاء لما طال على أيوب رفضه
__________________
(١) تفسير ابن كثير ٣ / ١٠٣.
(٢) سورة الأنبياء : آية ٨٣ ـ ٨٤.
(٣) في ظلال القرآن ٤ / ٢٣٩٢.