بركتك» (١) ، انفرد بإخراجه البخاري من حديث عبد الرازق به (٢) ، وعن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : لما عافى الله أيوب أمطر عليه جرادا من ذهب ، فجعل يأخذ منه بيده ويجعله في ثوبه ، قال فقيل له : يا أيوب أما تشبع ، قال يا رب : «ومن يشبع من رحمتك» (٣).
هذا وقد اختلف أهل التأويل في أهل أيوب الذين قال الله تعالى فيهم في سورة الأنبياء : (وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا) ، وفي سورة ص : (وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا) ، أهم أهله الذين أوتيهم في الدنيا ، أم ذلك وعد وعده الله أيوب أن يفعل به في الآخرة؟ فقال بعضهم : إنما أتى الله أيوب في الدنيا مثل أهله الذين هلكوا ، فإنهم لم يردوا عليه في الدنيا ، وإنما وعد الله أيوب أن يؤتيه إياهم في الآخرة (٤) ، أخرج ابن مردوية وابن عساكر من طريق جويبر الضحاك عن ابن عباس ، رضي الله تعالى عنهما ، قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن قوله تعالى : (وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) الآية ، قال : رد الله تعالى امرأته وزاد في شبابها حتى ولدت له ستا وعشرين ذكرا» ، فالمعنى على هذا آتيناه في الدنيا مثل أهله عددا ، مع زيادة مثل آخر (٥) ، أو أنهم أبناؤه فوهب الله له مثيلهم ، أو أنه وهب له أبناء وأحفادا (٦) ، وروى ابن جرير بسنده عن الليث قال : أرسل مجاهد رجلا يقال له قاسم إلى عكرمة يسأله عن قول الله لأيوب : (وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) فقال : قيل له : أن أهلك لك في الآخرة ، فإن شئت
__________________
(١) مسند الإمام أحمد ٢ / ٣١٤.
(٢) صحيح البخاري ١ / ٧٨ ، تفسير ابن كثير ٤ / ٦١ ، تفسير روح المعاني ١٧ / ٨١.
(٣) تفسير ابن كثير ٣ / ٣٠٣.
(٤) تفسير الطبري ١٧ / ٧٢.
(٥) تفسير روح المعاني ١٧ / ٨١.
(٦) في ظلال القرآن ٤ / ٢٣٩٢.