عجلناهم لك في الدنيا ، وإن شئت كانوا لك في الآخرة وآتيناك مثلهم في الدنيا ، فقال : يكونون لي في الآخرة ، وأوتي مثلهم في الدنيا ، قال : فرجع إلى مجاهد فقال أصاب» (١).
على أن هناك وجها آخر للنظر ، ذهب إليه ابن مسعود وابن عباس وقتادة ومقاتل والكلبي وكعب والحسن البصري والسدى يقول إن الله تعالى أحيا له أهله ، يعني أولادهم بأعيانهم ، قال ابن مسعود : مات أولاده سبعة من الذكور ، وسبعة من الإناث ، فلما عوفي أحيوا له ، وولدت له امرأته سبعة بنين وسبع بنات ، وقال ابن عباس : لما دعا أيوب استجاب الله له ، وأبدله بكل شيء ذهب له ضعفين ، رد إليه أهله ومثلهم معهم ، وفي روح المعاني : قال ابن مسعود والحسن وقتادة في الآية : إن الله تعالى أحي له أولاده الذين هلكوا في بلائه ، وأوتي مثلهم في الدنيا ، وقال الألوسي : والظاهر أن المثل من صلبه عليهالسلام أيضا ، ويميل الإمام الرازي إلى هذا الرأي الثاني لأنه هو الظاهر ، فلا يجوز العدول عنه من غير ضرورة ، غير أن صاحب الظلال يقول إنه ليس في النص ما يحتم أنه أحيا له من مات ، وقد يكون معناه أنه بعودته إلى الصحة والعافية قد استرد أهله الذين كانوا بالنسبة إليه كالمفقودين ، وأنه رزقه بغيرهم زيادة في الإنعام والرحمة والرعاية ، مما يصلح ذكرى لذوي العقول والإدراك ، ويقول الأستاذ الصابوني في صفوة التفاسير إن القول بأن الله أحيا أولاده بعد موتهم فيه نظر ، لأنه لا يرجع أحد إلى الدنيا بعد انتقاله منها ، إلا ما كان من معجزة المسيح عليهالسلام ، والصحيح أن الله تعالى عوّضه من زوجته أولادا مثل من فقدهم (٢).
__________________
(١) تفسير الطبري ١٧ / ٧٢.
(٢) تفسير الفخر الرازي ٢٢ / ٢١٠ ، ٢٦ / ٢١٥ ، تفسير الطبري ١٧ / ٧٢ ـ ٧٣ ، ٢٣ / ١٦٧ ـ ١٦٨ ، تفسير روح المعاني ١٧ / ٨١ ، تفسير ابن كثير ٣ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤ ، ٤ / ٦١ ، تفسير النسفي ٣ / ٨٧ ، في ظلال القرآن ٥ / ٣٠٢٢ ، صفوة التفاسير ٢ / ٢٧٢.