عباس ومجاهد وعكرمة وقتادة والسدي : بعلا يعني ربا ، قال عكرمة وقتادة : وهي لغة أهل اليمن ، وفي رواية عن قتادة هي لغة أزد شنوءة ، وقال عبد الرحمن بن يزيد بن أسلم عن أبيه هو اسم صنم كان يعبده أهل مدينة يقال لها بعلبك غربي دمشق ، وقال الضحاك هو اسم صنم كانوا يعبدونه ، وفي تفسير النسفي : بعل اسم صنم من الذهب كان موضعه يقال له «بك» فركب وصار «بعلبك» وهي من بلاد الشام ، وقال الرازي في التفسير الكبير : في بعل قولان ، أحدهما : أنه اسم علم لصنم كان لهم كمناة وهبل ، وقيل كان من ذهب ، وكان طوله عشرين ذراعا ، وله أربعة أوجه ، وفتنوا به وعظموه ، حتى عينوا له أربعمائة سادن وجعلوهم أنبياء ، وباسم هذا الصنم سميت مدينتهم بعلبك ، وثانيهما : أن البعل هو الرب بلغة اليمن ، يقال : من بعل هذه الدار ، أي من ربها ، وسمي الزوج بعلا لهذا المعنى ، قال تعالى : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ) ، وقال تعالى : (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً) فعلى هذا التقدير المعنى : أتعبدون بعض البعول وتتركون عبادة الله؟ وقال صاحب الظلال إن إلياس أرسل إلى قوم في سورية كانوا يعبدون صنما كانوا يسمونه بعلا ، وما تزال آثار مدينة بعلبك تدل على آثار هذه العبادة (١).
__________________
ـ أو عشتارت ، وكان إله المزارع ورب الخصب في الحقول والمواشي ، كما كان يتولى أمر القمم العالية والعواصف والرعد والمطر ، ويصور على هيئة محارب ذي خوذة ممسك بيده صاعقة أمور ، مما يجعل هويته نفس هوية الإله الكبير المعروف في سورية العليا ولدى الحيثيين والحوريين أيضا ، وهو على الجملة إله أسيوي ، وقد أولع أهل المشرق بعبادة البعل فكان يضحون بالذبائح البشرية على مذابحه ، ويقيمون هياكله على الأماكن المرتفعة كالجبال والتلال ، وقد صار البعل بعد ذلك عشرة للإسرائيليين الذين كسروا شريعة الله تعالى حين أدخلوا عبادته إلى بلادهم ، كما كان للبعل كهنة كثيرون يخدعون الناس بسحرهم وشعوذتهم ، كما رأينا في قصة إيليا ، كما روتها توراة اليهود (كونتنو : الحضارة الفينيقية ص ١٠٤ ، ١١٩ ـ ١٢٠ ، قاموس الكتاب المقدس ١ / ١٨١ ـ ١٨٢).
(١) تفسير الفخر الرازي ٢٦ / ١٦١ ، تفسير النسفي ٤ / ٢٨ ، تفسير ابن كثير ٤ / ٣١ ، في ظلال القرآن ٥ / ٢٩٩٧.