وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) (١) ، فأما الصفة الأولى ، فقد وصفه الله تعالى بأنه كان «مصدقا بكلمة من الله» ، والمراد بالكلمة هنا عيسى بن مريم ، أي مصدقا بعيسى مؤمنا به ، فهو أول من آمن به ، وسمي عيسى كلمة الله لأن تكونه بكن بلا أب (٢) ، ورغم أن صاحب الظلال (٣) يرى أنه ليس هناك ما يحتم هذا الفهم (أي التصديق بعيسى) ، فإن المفسرين يروون عن ابن عباس أنه قال : إن يحيى كان أكبر سنا من عيسى بستة أشهر ، وكان يحيى أول من آمن وصدق بأنه كلمة الله وروحه ، ثم قتل يحيى قبل رفع عيسى ، وأخرج الإمام أحمد عن مجاهد قال : قالت امرأة زكريا لمريم ، إني أجد الذي في بطني يتحرك للذي في بطنك ، وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج عن ابن عباس قال : كان يحيى وعيسى ابني خالة ، وكانت أم يحيى تقول لمريم إني أجد الذي في بطني يسجد للذي في بطنك» ، فذلك تصديقه له ، وكان أكبر من عيسى بستة أشهر ، وقيل بثلاث سنين (٤) ، وفي تفسير ابن كثير (٥) : روى العوفي وغيره عن ابن عباس ، كما قال الحسن وقتادة وعكرمة ومجاهد وأبو الشعثاء والسدي والربيع بن أنس والضحاك وغيره في هذه الآية : (مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ) أي بعيسى بن مريم ، وقال الربيع هو أول من صدق بعيسى بن مريم ، وقال قتادة : وعلى سنته ومنهاجه ، غير أن هناك رواية أخرى تنسب إلى عبيدة ، وتذهب إلى أن معنى «بكلمة من الله» ، بكتاب منه ، والمراد به
__________________
لأن الله تعالى أحياه بالطاعة حتى لم يعصي أو يعم بمعصية أو لأنه استشهد ، والشهداء أحياء عند ربهم لقوله تعالى : (بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ) ، وقيل غير ذلك (تفسير الفخر الرازي ٢١ / ١٨٦).
(١) سورة آل عمران : آية ٣٩.
(٢) تفسير النسفي ١ / ١٥٦.
(٣) في ظلال القرآن ١ / ٣٩٤.
(٤) تفسير روح المعاني ٣ / ١٤٧ ، تفسير الطبري ٣ / ٢٥٣.
(٥) تفسير ابن كثير ١ / ٤٥٠.