الإنجيل ، وإطلاق الكلمة عليه كإطلاقها على العصيدة ، غير أن الإمام الطبري إنما يعتبر ذلك جهلا بتأويل الكلمة ، واجتراء على ترجمة القرآن (١).
وأما (ثانيا) فكان سيدا : وقد فسره ابن عباس بالحليم وبالكريم وبالتقي ، وقال الجبائي : إنه كان سيدا للمؤمنين ، رئيسا لهم في الدين ، أعني في العلم والحلم والعبادة والورع ، وقال مجاهد : الكريم على الله ، وقال ابن المسيب : الفقيه العالم ، وقال عكرمة : الذي لا يغلبه الغضب ، وقال الضحاك : الحليم التقي ؛ وقال ابن زيد السيد هو الشريف ، وفي تفسير النسفي : السيد هو الذي يسود قومه ، أي يفوقهم في الشرف ، وكان يحيى فائقا على قومه لأنه لم يرتكب سيئة قط ، ويا لها من سيادة ، وقال الجنيد : هو الذي جاد بالكونين عوضا عن المكون ، وقال القاضي : السيد هو المتقدم المرجوع إليه ، فلما كان سيدا في الدين وقدوة فيه ، فتدخل فيه جميع الصفات المذكورة من العلم والحلم والكرم والعفة والزهد والورع (٢).
وأما (ثالثا) فكان حصورا : والحصر في اللغة الحبس ، يقال حصره حصرا ، وحصر الرجل : أي اعتقل بطنه ، والحصور الذي يكتم السر ويحبسه ، والحصور الضيق البخيل ، وأما المفسرون فلهم قولان ، أحدهما : أنه كان عاجزا عن إتيان النساء ، فقد روى عن ابن مسعود وابن عباس سعيد بن جبير وأبي الشعثاء وعطية العوفي أنهم قالوا : الذي لا يأتي النساء ، وعن أبي العالية والربيع بن أنس : هو الذي لا يولد ولا ماء له ، ثم منهم من قال كان ذلك لصغر الآلة ، ومنهم من قال كان ذلك لتعذر الإنزال ، ومنهم من قال كان ذلك لعدم القدرة ، وقد روى الحفاظ عن سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن ما معه عليهالسلام كان كالأنملة ، وفي بعض الروايات كالقذاة ، وفي
__________________
(١) تفسير الطبري ٣ / ٢٥٣ ـ ٢٥٤ ، تفسير روح المعاني ٣ / ١٤٧.
(٢) تفسير النسفي ١ / ١٥٦ ، تفسير الفخر الرازي ٨ / ٣٦.