فيها (١) ، يقول تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ ، وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢) ، ويقول تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ، وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ ، إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ، فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ، وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ ، إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ، لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) (٣).
وقال الزجاج : لا تقولوا آلهتنا ثلاثة ، وذلك لأن القرآن يدل على أن النصارى يقولون : إن الله والمسيح ومريم ثلاثة آلهة ، والدليل عليه قوله تعالى : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) (٤) ، وقال الفراء : ولا تقولوا هم ثلاثة كقوله : (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ) ، وذلك لأن ذكر عيسى ومريم مع الله تعالى بهذه العبارة يوهم كونهما إلهين ، وبالجملة فلا نرى مذهبا في الدنيا أشد ركاكة وبعدا عن العقل من مذهب النصارى ، ثم قال الله تعالى : (انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ) ، ثم أكد التوحيد بقوله : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) ، ثم نزه الله تعالى نفسه عن الولد بقوله : (سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ) (٥).
ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن القرآن الكريم إنما يقرن لفظ المسيح أو عيسى بكلمة : (ابْنَ مَرْيَمَ) ليقرع آذان النصارى بأنه «ابن مريم» ، وليس «ابن الله» ، كما ينبه القرآن الكريم المسيحيين إلى أن
__________________
(١) محمد بن الشريف : المرجع السابق ص ١٩٠.
(٢) سورة المائدة : آية ٧٣.
(٣) سورة النساء : آية ١٧١.
(٤) سورة المائدة : آية ١١٦.
(٥) تفسير الفخر الرازي ١١ / ١١٥ ـ ١١٦.