نصوص تشير إلى عبودية المسيح (١) لله تعالى وإلى رسالته (٢) وإلى وحدانية الله (٣) ، وإلى إنسانية المسيح وأمه ، وإلى أنه ابن الإنسان (تعني ابن مريم) وليس ابن الله كما يزعمون (٤).
ولعل سائلا يتساءل : من أين جاءت عقيدة التثليث هذه لديانة المسيح التوحيدية؟ والجواب أن ذلك إنما كان من تأثير الديانات الوثنية التي كانت شائعة وقت ذاك في الشرق الأدنى القديم ، وربما المصرية بصفة خاصة ، والتي شاعت فيها عقائد التثليث ، حتى كان لكل مدينة ثالوثها الخاص بها ، والمكون من الإله الأب ، والإله الأم ، والإله الابن ، فمثلا ثالوث طيبة (الأقصر الحالية) يتكون من الإله آمون (الأب) والإلهة موت (الأم) والإله خونسو (الابن) ، وفي مدينة منف (ميت رهينة بمركز البدرشين بمحافظة الجيزة) يتكون الثالوث من الإله «بتاح» (الأب) والإلهة سمخت (الأم) والإله نفرتوم (الابن) ، وفي اليفانتين (جزيرة أسوان) يتكون الثالوث من الإله خنوم وعنقت وساتت ، هذا فضلا عن ثالوث أوزير المشهور ، حيث يمثل أوزير الإله الأب ، وتمثل إيزة الإلهة الأم ، ويمثل حور الإله الابن (٥).
__________________
(١) يوحنا ٢٠ / ١٧.
(٢) يوحنا ١٤ / ٢٤.
(٣) متى ٢٣ / ٩ ، ٢٢ ، مرقس ١٢ / ٢٨ ـ ٣٣ ، حيث يقول : «فجاء واحد من الكتبة وسمعهم يتحاورون ، فلما رأى أنه أجابهم حسنا سأله أية وصية هي أول الكل ، فأجابه يسوع : إن أول كل الوصايا هي اسمع يا إسرائيل : الرب إلهنا رب واحد ، وتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك ، هذه هي الوصية الأولى ، وثانية مثلها : هي تحب قريبك كنفسك ، ليس وصية أخرى أعظم من هاتين ، فقال له الكاتب جيدا يا معلم ، بالحق قلت لأنه الله واحد ، وليس آخر سواه ، ومحبته من كل القلب ومن كل الفهم ومن كل النفس ، ومن كل القدرة ، ومحبة القريب كالنفس هي أفضل من جميع المحرقات والذبائح».
(٤) متى ١ / ١ ـ ١٧ ، ٨ / ٢٠ ، ١٣ / ٣٧ ، ٢٦ / ٦٤ ، يوحنا ١ / ٥١ ، ١٧ / ٣.
(٥) أنظر : محمد بيومي مهران : الحضارة المصرية القديمة ـ الاسكندرية ١٩٨٤ ص ٢٤٣ ـ ٣٦١.