والأمر كذلك بالنسبة إلى بلاد الرافدين (العراق القديم) وسورية وفينيقيا ، فضلا عن بلاد العرب ، حيث نرى اللات والعزى ومناة الثالثة في الشمال ، وحيث سادت في الجنوب عبادة ثالوث من الكواكب هي القمر والشمس والزهرة ، ويمثل القمر في هذا الثالوث دور الأب ، وتمثل الشمس دور الأم ، بينما كانت الزهرة تمثل دور الابن ، ولم يكن بنو إسرائيل بعيدين عن عقيدة التثليث هذه ، فقد وجد عندهم ثالوث (يهوه وبعل وعشتارت) ، وقد كان هذا الثالوث يقدس عند العبرانيين في عصر الملوك بين جميع أفراد الشعب (١) ، وإن كانت عبادة «بعل» على أيام الملك الإسرائيلي «أخاب» (٨٦٩ ـ ٨٥٠ ق. م) معاصر النبي «إيليا» ، وهو إلياس عليهالسلام فيما نرجح (٢) ، أوضح من غيرها (٣) ، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في سورة الصافات (٤) ، ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أننا نجد عند بني إسرائيل تلك الظاهرة العربية ، أعني أن الشمس كان ينظر إليها كإلهة أم ومؤنثة ، كما في زواج «يهوه» رب يهود الشمس ، وفي جميع الحالات ترد الشمس كإلهة مؤنثة ، بينما ترد الزهرة (عشثر) مذكرة (٥) ، وكان العربانيون يعظمون بعلا كثيرا ، حتى حمل كثير منهم اسم «بعل» كجزء من أسمائهم مثل «إيشبعل» و «مريبعل» و «يربعل» و «بعلزكار» و «بعلاة» (٦) ، كما تقبلوا «كيموش» كإله للقوم ، وكذا «بلزيوب» إله عقرون ، وملكوم إله عمون وغيرهم (٧) ، ورغم
__________________
(١) ديتلف نالسن : المرجع السابق ص ٢٣٦.
(٢) أنظر : محمد بيومي مهران : إسرائيل ٢ / ٩١٠ ـ ٩١٦.
(٣) ملوك أول ١٦ / ٣٠ ـ ٣٤.
(٤) سورة الصافات : آية ١٢٢ ـ ١٢٨.
(٥) ديتلف نلسن : المرجع السابق ص ٢٣٦ ، محمد بيومي مهران : إسرائيل ٤ / ٢١ ـ ٢٢.
(٦) أخبار أيام أول ٨ / ٣٣ ـ ٣٤ ، ٩ / ٣٩ ـ ٤٠ ، أخبار أيام ثان ١٤ / ٧ ، ٢٧ / ٢٨ ، قضاة ٦ / ٣٢ ، ٧ / ١ ، ٨ / ٩ ، ٩ / ١ ، محمد بيومي مهران : إسرائيل ٤ / ٢٤ ـ ٢٥ ، ٣٢ ـ ٣٣ ، وكذا.D G.Lyon ,HTR , ١٤٣ ـ ١٣٦.p ، ١٩١١.
(٧) قضاة ١١ / ٢٤ ، محمد بيومي مهران : إسرائيل ٤ / ٢٥.