جنس الفيقة (١) : أى قدر اللبن المجتمع بين الحلبتين ، وكثرت له حساءه (٢)
قوله «ومنه تفهّم» إنما قال «ومنه» لأن معنى الفعل المتكرر فى مهلة ليس بظاهر فيه ، لأن الفهم ليس بمحسوس كما فى التّجرّع والتّحسّى ، فبيّن أنه منه ، وهو من الأفعال الباطنة المتكررة فى مهلة ، هذا ، والظاهر أن تفهّم للتكلف فى الفهم كالتّسمّع والتبصر
قوله «وبمعنى استفعل» تفعّل يكون بمعنى استفعل فى معنيين مختصين باستفعل : أحدهما الطلب ، نحو تنجّزته : أى استنجزته : أى طلبت نجازه : أى حضوره والوفاء به ، والآخر الاعتقاد فى الشىء أنه على صفة أصله ، نحو استعظمته وتعظمته : أى اعتقدت فيه أنه عظيم ، واستكبر وتكبّر : أى اعتقد فى نفسه أنها كبيرة
__________________
(١) الفيقة والفيق : اسم اللبن الذى يجتمع بين الحلبتين فى الضرع ، وذلك بأن تحلب الناقة ثم تترك ساعة حتى تدر ثم تحلب ، والياء فيهما منقلبة عن الواو ، لسكونها إثر كسرة ، يقال : فاقت الناقة تفوق فواقا (كغراب) وفيقة (كديمة) ، والفيقة : واحدة الفيق كما ذكر المؤلف ، وجمع الفيق أفواق كشبر وأشبار ، وأفاويق جمع الجمع. قال ابن برى : «وقد يجوز أن تجمع فيقة على فيق ثم تجمع فيق على أفواق ، فيكون مثل شيعة وشيع وأشياع». والفواق (كسحاب وغراب) : ما بين الحلبتين من الوقت. قال فى اللسان : «وفوقت الفصيل : أى سقيته اللبن فواقا فواقا ، وتفوق الفصيل إذا شرب اللبن كذلك» اه. وبين هذا وبين كلام المؤلف بعد فتأمله ، فان عبارة أهل اللغة تدل على أن معنى فوقته سقيته اللبن وقتا بعد وقت فأين معنى التكثير الذى ذكره المؤلف؟
(٢) قال فى القاموس : «حسا الطائر الماء حسوا ، ولا تقل شرب ، وحسا زيد المرق : شربه شيئا بعد شىء ؛ كتحساه واحتساه ، وأحسيته أنا وحسيته ، واسم ما يحتسى الحسية (كالغنية) والحسا (كالعصا) ويمد ، والحسو كدلو ، والحسو كعدو ، والحسوة (بالضم) : الشىء القليل منه» اه. ومثله فى اللسان. وأنت ترى أن مدلول حسيته سقيته الحساء شيئا بعد شىء ، وتحساه شربه شيئا بعد شىء ، فمن أين جاء تكثير الحساء الذى ذكره المؤلف؟