الهمزة الثقيلة يجوز انقلابها مع كسر ما قبلها ياء فيصير ييبى كييجل (١) وإنما ارتكبوا الشذوذ فى جواز كسر أول تأبى ونأبى وآبى لأن حق ماضيه الكسر لما كان المضارع مفتوح العين ، فكأن عين ماضيه مكسور ، ولا يمتنع أن يقال : إن أصل ماضيه كان كسر العين لكنه اتفق فيه جميع العرب على لغة طييء فى فتحه ، ثم جوّز كسر حروف المضارعة دلالة على أصل أبى
وكذا كسروا حروف المضارعة مع الياء فى حبّ فقالوا : إحبّ نحبّ يحبّ تحبّ ؛ وذلك لأن حبّ يحبّ كعزّ يعزّ شاذ قليل الاستعمال ، والمشهور أحبّ يحبّ ، وهو أيضا شاذ من حيث إن فعل إذا كان مضاعفا متعديا فمضارعه مضموم العين ، ويحبّ مكسور العين ، ففيه شذوذان ، والشذوذ يجرىء على الشذوذ ، فكسروا أوائل مضارعه ياء كان أو غيره وإن لم يكن ماضيه فعل ، وقال غير سيبويه : إن إحبّ ونحبّ ويحبّ وتحبّ بكسر حروف المضارعة مضارعات أحبّ ، وشذوذه لكسر المضموم ، كما قالوا فى المغيرة المغيرة ، وكذا المصحف (٢) والمطرف (٣) فى المصحف والمطرف.
__________________
(١) حاصل هذا أنهم إنما كسروا ياء المضارعة فى يأبى ، ليتسنى لهم تخفيف الهمزة بقلبها ياء ، لسكونها إثر كسرة فيصير ييبى ، وهو أخف من يئبى ؛ لأن حرف العلة أخف من غيره ، ونقول : لو أن ذلك الذى ذكره المؤلف من غرضهم لكان بقاء الياء مفتوحة أولى من كسرها ، وذلك لأنهم لو أبقوها مفتوحة لأمكنهم أن يقلبوا الهمزة ألفا ، لسكونها إثر فتحة ، فيصير يابى ، والألف أخف حروف العلة
(٢) قال فى اللسان : «المصحف بضم فسكون ففتح ـ والمصحف ـ كمنبر ـ : الجامع للصحف المكتوبة بين الدفتين ، كأنه أصحف : أى جعل جامعا للصحف المكتوبة بين الدفتين ، والفتح فيه لغة ، قال أبو عبيد : تميم تكسرها وقيس تضمها ، ولم يذكر من يفتحها ولا أنها تفتح ، إنما ذلك عن اللحيانى عن الكسائى ... استثقلت العرب الضمة فى حروف فكسرت الميم وأصلها الضم فمن ضم جاء به على أصله ومن كسر فلاستثقاله الضمة اه»
(٣) قال فى اللسان : «المطرف والمطرف ـ بكسر الميم وضمها مع سكون