بحذف الياء الأولى وإبدال الهاء منها ؛ لاستثقال الياء المشددة ، وقد جاء التشديد فى الضرورة كما فى قوله : ـ
٢١ ـ فهى تنزّى دلوها تنزيّا |
|
كما تنزّى شهلة صبيّا (١) |
وإنما قلنا «إن المحذوف ياء التفعيل» قياسا على تكرمة ؛ لأنه لم يحذف فيها شيء من الأصول ، ولأنها مدّة لا تتحرك ؛ فلما رأينا الياء فى نحو تعزية متحركة عرفنا أن المحذوف هو المدة ، فلو حذفت الثانية لزم تحريك المدة لأجل تاء التأنيث وأما إجازة واستجازة فأصلهما إجواز واستجواز أعلّ المصدر باعلال الفعل كما يجىء فى باب الإعلال ، فقلبت العين ألفا ، فاجتمع ألفان ، فحذفت الثانية عند الخليل وسيبويه ، قياسا على حذف مدة نحو تعزية ، ولكونها زائدة ، وحذفت الأولى عند الأخفش والفراء ؛ لأن الأول يحذف للساكنين إذا كان مدا ، كما فى قل وبع ، ويجىء احتجاجهم فى باب الإعلال في نحو مقول ومبيع ، وأجاز سيبويه عدم الإبدال أيضا ، نحو أقام إقاما واستجاز استجازا ، استدلالا بقوله تعالى (وَأَقامَ الصَّلاةَ) وخص الفراء ذلك بحال الإضافة ؛ ليكون المضاف إليه قائما مقام الهاء ، وهو أولى ؛ لأن السماع لم يثبت إلا مع الإضافة ، ولم يجوّز سيبويه حذف التاء من نحو التّعزية على حال ، كما جوز فى (إقام الصلاة) إذ لم يسمع.
قوله «وجاء كذّاب» هذا وإن لم يكن مطردا كالتّفعيل لكنه هو القياس كما مر فى شرح الكافية ، قال سيبويه : أصل تفعيل فعّال ، جعلوا التاء
__________________
(١) لم نقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين. وتنزى : تحرك ، وتنزيا مصدره. والشهلة : المرأة العجوز أو النصف. يقول : إن هذه المرأة تحرك دلوها لتملأها كما تحرك المرأة العجوز صبيها فى ترقيصها إياه ، والاستشهاد به على مجىء مصدر فعل من الناقص على التفعيل شذوذا من حيث الاستعمال