فإنك جعلته اسما لما يقع فيه السجود بشرط أن يكون بيتا على هيئة مخصوصة ، فلم يكن مبنيا على الفعل المضارع كما فى سائر أسماء المواضع ، وذلك أن مطلق الفعل لا اختصاص فيه بموضع دون موضع ، قيل : ولو أردت موضع السجود وموقع الجبهة من الأرض سواء كان فى المسجد أو غيره فتحت العين ؛ لكونه إذن مبنيا على الفعل بكونه مطلقا كالفعل ، وكذا يجوز أن يقال فى المنسك ، إذ هو مكان نسك مخصوص ، وكذا المفرق ، لأنه مفرق الطريق ، أو الرأس ، وكذا مضربة السيف مخصوصة برأس السيف قدر شبر ، وليس بمعنى موضع الضرب مطلقا ، فلذا جاء فيه الفتح أيضا : أى لكونه غير مبنى على الفعل ، ولذا دخلته التاء التى لا تدخل الفعل ، وكذا المقبرة ، إذ ليست اسما لكل ما يقبر فيه : أى يدفن ، إذ لا يقال لمدفن شخص واحد مقبرة فموضع الفعل إذن مقبر كما هو القياس ، وكذا المشرقة اسم لموضع خاص لا لكل موضع يتشرّق فيه من الأرض من جانب الغرب أو الشرق (١) وكذا المقنأة والمفيأة ، وكذا المنخر صار اسما لثقب الأنف ، ولا يقصد فيه معنى النّخر ، وكذا المشربة ليست اسما لكل موضع يشرب فيه الماء ويجرى ، قال سيبويه : وكذا المطبخ والمربد بكسر الميم فيهما اسمان لموضعين خاصين لا لموضع الطبخ مطلقا ، ولا لكل موضع الربود : أى الاقامة ، بل المطبخ بيت يطبخ فيه الأشياء معمول له ، والمربد محبس الابل ، أو موضع يجعل فيه التمر ، وبجوز أن يقال فى المرفق بكسر الميم فى المعنيين : إن أصله الموضع ، فلما اختص غيّر بكسر الميم عن وضع الفعل كما قال سيبويه فى المطبخ والمربد ؛ فكل ما جاء على مفعل بكسر العين مما مضارعه يفعل بالضم فهو شاذ من
__________________
(١) لم يبين المؤلف هذا الموضع الخاص أى شىء هو ، كما بين فى المشربة مثلا أنها صارت اسما للغرفة ، ولم نعثر على ما يرشد إلى هذا المعنى الخاص فى كتب اللغة التى بين أيدينا