فان قيل : لو كانت الثانية منقلبة عن الهمزة لم تعلّ بحذف حركتها كما فى دارى (١) ومستهزيون
فالجواب أن حكم حروف اللين المنقلبة عن الهمزة انقلابا لازما حكم حروف اللين الأصلية التى ليست بمنقلبة عن الهمزة ، وإن كان الانقلاب غير لازم كما فى دارى (٢) ومستهزيين فالأكثر أن حكمها حكم الهمزة لعروضها ؛ فلذا بقى الياء فى دارى ومستهزيين ، ويروى عن حمزة مستهزون ، وعليه قوله (٣) :
٢ ـ جرىء متى يظلم يعاقب بظلمه |
|
سريعا وإلّا يبد بالظّلم يظلم (٤) |
فحذف الألف للجزم ، وكذا قالوا مخبىّ فى مخبوّ مخفف مخبوء بالهمزة كما يجىء فى باب الاعلال ، وبعضهم يقول فى تخفيف رؤية ورؤيا : ريّة وريّا بالادغام كما يجىء فى باب الاعلال
__________________
(١) مذهب سيبويه فى جاء أن أصله جايىء فقلبت الياء ألفا ثم قلبت الألف همزة فصار جائئا ثم قلبت الهمزة الثانية ياء لكونها ثانية همزتين فى الطرف أولاهما مكسورة على ما سيأتى فى تخفيف الهمزة ثم أعطيت الكلمة حكم قاض ونحوه من حذف الياء إذا كان منونا غير منصوب وبقائها فيما عدا ذلك ؛ فالشارح يعترض على الاعلال بالحذف بأنه لو صح أن الياء منقلبة عن الهمزة الثانية وليست هى العين أخرت إلى موضع اللام لكان يجب لها البقاء كما بقيت الياء المنقلبة عن الهمزة فى دارى وأصله دارىء وفى مستهزيين وأصله مستهزئون خففت الهمزة فيهما بقلبها من جنس حركة ما قبلها.
(٢) دارىء : اسم فاعل من قولك درأه درءا ودرأة إذا دفعه وتقول : ناقة دارىء مغدة ، ومستهزىء اسم فاعل من استهزأ منه وبه أى سخر.
(٣) هو زهير ابن أبى سلمى المزنى ، والبيت من معلقته يمدح به حصين ابن ضمضم
(٤) يريد أنه شجاع متى ظلمه أحد عاقب الظالم بظلمه سريعا وأنه مع ذلك عزيز النفس إن لم يبدأه أحد بالظلم بدأ هو بالظلم