وإنما لم يصغر جمع الكثرة على لفظه لأن المقصود من تصغير الجمع تقليل العدد ؛ فمعنى عندى غليمة أى عدد منهم قليل ، وليس المقصود تقليل ذواتهم ، فلم يجمعوا بين تقليل العدد بالتصغير وتكثيره بابقاء لفظ جمع الكثرة ، لكونه تناقضا ، وأما أسماء الجموع فمشتركة بين القلة والكثرة ، وكذا جمع السلامة على الصحيح كما مضى (١) فى شرح الكافية ، فيصغر جميعها نظرا إلى القلة ، فلا يلزم التناقض ، ولم يصغر شيء من جموع الكثرة على لفظه إلا أصلان جمع أصيل (٢)
__________________
(١) الذى قاله فى شرح الكافية (ج ٢ ص ١٧٧) هو «قالوا : مطلق الجمع على ضربين قلة وكثرة والمراد بالقليل من الثلاثة إلى العشرة ، والحدان داخلان ، وبالكثير ما فوق العشرة ، قالوا : وجمع القلة من المكسر أربعة : أفعل ، وأفعال ، وأفعلة ، وفعلة ، وزاد الفراء فعلة (بفتح الفاء والعين) كقولهم : هم أكلة رأس : أى قليلون يكفيهم ويشبعهم رأس واحد ، وليس بشىء ، إذ القلة مفهومة من قرينة شبعهم بأكل رأس واحد لا من إطلاق فعلة ، ونقل التبريزى أن منها أفعلاء كأصدقاء ، وجمعا السلامة عندهم منها أيضا ، استدلالا بمشابهتهما للتثنية فى سلامة الواحد ؛ وليس بشىء ، إذ مشابهة شىء لشىء لفظا لا تقتضى مشابهته له معنى أيضا ، ولو ثبت ما نقل أن النابغة قال لحسان لما أنشده قوله :
لنا الجفنات الغرّ يلمعن بالضّحى |
|
و أسيافنا يقطرن من نجدة دما |
قللت جفانك وسيوفك لكان فيه دليل على أن المجموع بالألف والتاء جمع قلة ، وقال ابن خروف : جمعا السلامة مشتركان بين القلة والكثرة ، والظاهر أنهما لمطلق الجمع من غير نظر إلى القلة والكثرة فيصلحان لهما» اه كلامه. وقد ذهب بعضهم إلى أن الاسم إن كان له جمع تكسير وجمع سلامة كالجفان والجفنات فجمع السلامة للقلة وجمع التكسير للكثرة ، وإن لم يكن له إلا جمع سلامة فجمع السلامة مشترك بين القلة والكثرة
(٢) الأصيل : العشى ، وهو ما بعد الزوال إلى الغروب ، وقيل : من زوال الشمس إلى الصباح. يجمع على أصل كرسل ، وأصلان كبعير وبعران ، وآصال وأصائل.