متعديا إلى ثلاثة أولها للجعل والثانى والثالث لأصل الفعل ، وهو فعلان فقط : أعلم ، وأرى
وقد يجىء الثلاثى متعديا ولازما فى معنى واحد ، نحو فتن الرجل : أى صار مفتتنا ، وفتنته : أى أدخلت فيه الفتنة ، وحزن وحزنته : أى أدخلت فيه الحزن ، ثم تقول : أفتنته وأحزنته ، فيهما ، لنقل فتن وحزن اللازمين لا المتعديين ، فأصل معنى أحزنته جعلته حزينا ، كأذهبته وأخرجته ، وأصل معنى حزنته جعلت فيه الحزن وأدخلته فيه ، ككحلته ودهنته : أى جعلت فيه كحلا ودهنا ، والمغزى من أحزنته وحزنته شىء واحد ؛ لأن من أدخلت فيه الحزن فقد جعلته حزينا ، إلا أن الأول يفيد هذا المعنى على سبيل النقل والتصيير لمعنى فعل آخر ـ وهو حزن ـ دون الثانى
وقولهم أسرع وأبطأ فى سرع وبطؤ ؛ ليس الهمزة فيهما للنقل ، بل الثلاثى والمزيد فيه معا غير متعديين ، لكن الفرق بينهما أن سرع وبطؤ أبلغ ؛ لأنهما كأنهما غريزة كصغر وكبر
ولو قال المصنف مكان قوله «الغالب فى أفعل أن يكون للتعدية» : «الغالب أن يجعل الشىء ذا أصله» لكان أعم ؛ لأنه يدخل فيه ما كان أصله جامدا ، نحو أفحى قدره : أى جعلها ذات (١) فحا وهو الأبرار ، وأجداه : أى جعله ذا جدى (٢) ، وأذهبه : أى جعله ذا ذهب
وقد يجىء أفعل لجعل الشىء نفس أصله إن كان الأصل جامدا ، نحو أهديت الشىء : أى جعلته هديّة أو هديا (٣)
__________________
(١) الفحا ـ بفتح أوله وكسره مقصورا : البزر ، أو يابسه. والأبزار : التوابل كالفلفل ونحوه ، واحدها بزر ـ بالفتح والكسر ـ وواحد التوابل تابل كخاتم
(٢) الجدى ـ بفتح أوله مقصورا ـ والجدوى : العطية
(٣) الهدية : اسم ما أتحفت به ، والهدى : ما أهدى إلى مكة من النعم (أى : الأبل)