١٣ ـ ما زلت أفتح أبوابا وأغلقها |
|
حتّى أتيت أبا عمرو بن عمّار (١) |
أى : أفتّحها وأغلّقها ، وموّت المال : أى وقع الموتان في الابل فكثر فيها (٢) الموت ، وجوّلت وطوّفت : أى أكثرت الجولان والطواف ، قيل : ولذلك سمى الكتاب العزيز تنزيلا ؛ لأنه لم ينزّل جملة واحدة ، بل سورة سورة وآية آية ، وليس نصافيه ، ألا ترى إلى قوله تعالى : (لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً) وقوله : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً)
ثم إن التكثير يكون فى المتعدى كما فى غلّق وقطّع ، وقد يكون فى اللازم كما فى جوّل وطوّف وموّت
قوله «وللتعدية نحو فرّحته» معنى التعدية فى هذا الباب كما فى باب أفعل على ما شرحنا ، والأولى أيضا ههنا أن يقال فى مقام التعدية : [هو] بمعنى جعل الشىء ذا أصله ؛ ليعم نحو فحّى القدر : أى جعلها ذات فحا ، وشسّع النعل (٣) ، وهذا لا يتعدى إلى ثلاثة كأفعل إلا محمولا على أفعل كحدّث وخبّر ، كما مرّ فى أفعال القلوب
__________________
(١) المراد بأبى عمرو فى البيت هو أبو عمرو بن العلاء ، قال أبو عبيد البكرى فى شرح أمالى القالى : «إن أبا عمرو بن العلاء كان هاربا من الحجاج مستترا ، فحاء الفرزدق يزوره فى تلك الحالة ، فكان كلما يفتح له باب يغلق بعد دخوله ، إلى أن وصل إليه ، فأنشده أبياتا منها هذا البيت» ، والشاهد فيه كما قال الأعلم الشنتمرى دخول أفعلت على فعلت ـ بتشديد العين ـ فى إفادة التكثير ، ولكن الذى يؤخذ من كلام المؤلف أن الشاهد فى البيت دخول فعلت ـ بالتخفيف ـ وأفعلت ، على فعلت ـ بالتشديد ـ
(٢) عبارة المؤلف يفهم منها أن الموتان غير الموت ، وبالرجوع إلى كتب اللغة كاللسان والقاموس والمصباح وغيرها يعلم أنهما بمعنى واحد
(٣) شسع نعله ـ بتضعيف العين ـ جعل لها شسعا ـ ومثله شسعا ـ بالتخفيف من باب منع ـ وكذا أشسعها ، والشسع ـ بكسر فسكون وبكسرتين ـ قبال النعل ، وهو أحد سيورها ، وهو الذى يدخل بين الاصبع الوسطى والتى تليها