لأنه لو قصد الأمر لقال :
فليدن منّى ...
وإنما أراد عطف «يدنو» على «يزعم» (١) وحذف الواو من «يدنو» لدلالة الضمة عليها كما قال :
فياليت الأطبّا كان حولى |
|
......... (٢) |
فحذف واو الضمير اكتفاء بالضمة ، فواو ليست بضمير أحق أن يفعل بها ذلك. وأما «تنهه» فمجزوم ؛ لأنه جواب «من».
ثم بينت انجزام الفعل بـ «لم» و «لمّا» ، وأن المجزوم بهما ماضى المعنى ، وفى ذلك إشعار بأنه لا يكون فى اللفظ إلا مضارعا ، بخلاف مصحوب أدوات الشرط.
إلا أن مجزوم «لم» مطلق الانتفاء ؛ فإذا قلت : «لم يكن» جاز أن تريد انتفاء غير محدود كقوله ـ تعالى ـ : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) [الإخلاص : ٣ ـ ٤].
وانتفاء محدودا متصلا بالحال كقوله ـ تعالى ـ : (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) [مريم : ٤] وكقول سيبويه : «ولما هو كائن لم ينقطع».
وانتفاء منقطعا كقوله ـ تعالى ـ : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) [الإنسان : ١].
وكقول الراجز : [من الرجز]
وكنت إذ كنت إلهى وحدكا |
|
لم يك شىء يا إلهى قبلكا (٣) |
ولجواز انقطاع مدلول «لم» يحسن أن يقال : «لم يكن ثمّ كان» ، ولجواز كونه غير محدود حسن أن يقال : «لم يقض ما لا يكون».
__________________
(١) فى أ : لا يزعم.
(٢) صدر بيت وعجزه :
......... |
|
وكان مع الأطباء الأساة |
ينظر : الأشباه والنظائر ٧ / ١٩ ، والإنصاف ص ٣٨٥ ، والحيوان ٥ / ٢٩٧ ، وخزانة الأدب ٥ / ٢٢٩ ، ٢٣١ ، والدرر ١ / ١٧٨ ، وشرح المفصل ٧ / ٥ ، ٩ / ٨٠ ، ومجالس ثعلب ص ١٠٩ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٥١ ، وهمع الهوامع ١ / ٥٨.
(٣) تقدم تخريج هذا البيت.