وشذ إهمال «متى» حملا على «إذا».
وإهمال «إن» حملا على «لو».
وإهمال «لم» حملا على «ما».
فالأول نحو : قول عائشة ـ رضى الله عنها ـ مخاطبة الرسول صلىاللهعليهوسلم : «إنّ أبا بكر رجل أسيف ، وإنّه متى يقوم مقامك لا يسمع النّاس» (١).
والثانى كقراءة طلحة (٢) : (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً) [مريم : ٢٦] ـ بياء ساكنة
__________________
(١) أخرجه النسائى (٢ / ٩٩) : كتاب الإمامة باب الائتمام بالإمام يصلى قاعدا ، وابن ماجه (١ / ٣٨٩) : كتاب إقامة الصلاة (باب ما جاء فى صلاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى مرضه) ، (١٢٣٢) ، وأحمد (٦ / ١٥٩ ، ٢١٠ ، ٢٢٤) ، وابن خزيمة (١٦١٦) ، والبيهقى (٣ / ٣٠٥) من حديث عائشة قالت لما ثقل رسول الله صلىاللهعليهوسلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة فقال : مروا أبا بكر فليصلّ بالناس. قالت : قلت : يا رسول الله ، إن أبا بكر رجل أسيف ، وإنه متى يقوم فى مقامك لا يسمع الناس ، فلو أمرت عمر. فقال : «مروا أبا بكر فليصلّ بالناس. فقلت لحفصة : قولى له. فقالت له. فقال : إنكن لأنتن صواحبات يوسف ، مروا أبا بكر فليصلّ بالناس. فذكرت الحديث مطولا.
والحديث أخرجه البخارى (٢ / ٤٣٩) ، كتاب الأذان باب الرجل يأتم بالإمام ، (٧١٣) ، ومسلم (١ / ٣١٣ ـ ٣١٤) : كتاب الصلاة : باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر من مرض وسفر وغيرهما (٩٥ ـ ٤١٨) ، وفيه «إن أبا بكر رجل أسيف ، وإنه متى ما يقم مقامك لا يسمع الناس».
وقال الحافظ فى الفتح (٢ / ٤٤٠) : قوله «متى يقوم» كذا وقع للأكثر فى الموضعين بإثبات الواو ، ووجّهه ابن مالك بأنه شبه «متى» بـ «إذا» فلم تجزم. كما شبه إذا بـ «متى» فى قوله صلىاللهعليهوسلم : «إذا أخذتما مضاجعكما تكبرا أربعا وثلاثين» فحذف النون. ووقع فى رواية الكشميهنى «متى ما يقم» ولا إشكال فيها. اه.
(٢) قال السمين الحلبى : والعامة على صريح الياء المكسورة وقرأ أبو عمرو فى رواية «ترئنّ» بهمزة مكسورة بدل الياء ، وكذلك روى عنه «لترؤنّ» بإبدال الواو همزة. قال الزمخشرى : هذا من لغة من يقول : لبّأت بالحج ، وحلات بالسّويق. يعنى : وحلأت بالهمز. وذلك لتآخ بين الهمز وحرف اللين». وتجرأ ابن خالويه على أبى عمرو فقال : «هو لحن عند أكثر النحويين». وقرأ أبو جعفر قارئ المدينة ، وشيبة وطلحة : «ترين» بياء ساكنة ونون خفيفة. قال ابن جنى : «وهى شاذة» قلت : لأنه كان ينبغى أن يؤثر الجازم فيحذف نون الرفع ، كقول الأفوه :
إمّا ترى رأسى أزرى به |
|
مأس زمان ذى انتكاس مئوس |
ولم يؤثر هنا شذوذا ، وهو نظير قول الآخر :
لو لا فوارس من نعم وأسرتهم |
|
يوم الصّليقاء لم يوفون بالجار |
فلم يعمل ، وأبقى نون الرفع. و «من البشر» حال من «أحدا» ، لأنه لو تأخر لكان وصفا وقال أبو البقاء : «أو مفعول». يعنى : أنه متعلق بنفس الفعل قبله. ينظر : الدر المصون (٤ / ٥٠٢).