وهذا لا حجة فيه ، لأن من العرب من يقول : «جاء يجى» و «شاء يشا» ـ بترك الهمزة ـ ، فيمكن أن يكون قائل هذا البيت من لغته ترك همزة «يشاء» فقال : «يشا» ثم أبدل الألف همزة ؛ كما قيل فى «عالم» و «خاتم» : «عألم» و «خأتم».
وكما فعل ابن ذكوان (١) فى قوله تعالى : (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) [سبأ : ١٤] حين قرأ : «منسأته» (٢) ـ بهمزة ساكنة ـ.
__________________
(١) هو عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان القرشى الفهرى ، أبو عمرو ، من كبار القراء صدوق ، متقدم فى القراءة ، لم يكن فى عصره أقرأ منه ، توفى فى دمشق سنة (٢٤٢ هـ).
ينظر : طبقات القراء (١ / ٤٠٤) ، الأعلام (٤ / ٦٥) ، تقريب التهذيب ت (٣٢٢٠).
(٢) وقرأ ابن ذكوان «منسأته» بهمزة ساكنة ، ونافع وأبو عمرو بألف محضة ، والباقون بهمزة مفتوحة. والمنسأة : اسم آلة من نسأه ـ أى : أخّره ـ كالمكسحة والمكنسة ، من نسأت الغنم ، أى : زجرتها وسقتها ، ومنه : نسأ الله فى أجله أى : أخّره. وفيها الهمزة وهو لغة تميم ، وأنشد :
أمن أجل حبل لا أباك ضربته |
|
بمنسأة قد جرّ حبلك أحبلا |
(والألف) وهو لغة الحجاز وأنشد :
إذا دببت على المنساة من كبر |
|
فقد تباعد عنك اللهو والغزل |
فأما بالهمزة المفتوحة فهى الأصل ، لأن الاشتقاق يشهد له ، والفتح لأجل بناء مفعلة كمكنسة ، وأما سكونها ففيه وجهان :
أحدهما : أنه أبدل الهمزة ألفا كما أبدلها نافع وأبو عمرو ـ وسيأتى ـ ثم أبدل هذه الألف همزة على لغة من يقول : العألم والخأتم ، وقوله :
........ |
|
وخندف هامة هذا العألم |
ذكره ابن مالك.
قال شهاب الدين وهذا لا أدرى ما حمله عليه كيف نعتقد أنه هرب من شىء ثم يعود إليه ، وأيضا فإنهم نصّوا على أنه إذا أبدل من الألف همزة ، فإن كان لتلك الألف أصل حركت هذه الهمزة بحركة أصل الألف.
وأنشد ابن عصفور على ذلك :
ولّى نعام بنى صفوان زوزأة |
|
......... |
قال : الأصل زوزاة ، وأصل هذا : زوزوة ، فلما أبدل من الألف همزة حركها بحركة الواو ، إذا عرف هذا فكان ينبغى أن تبدل هذه الألف همزة مفتوحة لأنها عن أصل متحرك وهو الهمزة المفتوحة ، فتعود إلى الأول ، وهذا لا يقال.
الثانى : أنه سكن الفتحة تخفيفا ، والفتحة قد سكنت فى مواضع تقدم التنبيه عليها وشواهدها ، ويحسنه هنا أن الهمزة تشبه حروف العلة ، وحرف العلة يستثقل عليه الحركة من حيث الجملة ، وإن كان لا تستثقل الفتحة لخفتها ، وأنشدوا على تسكين همزتها : ـ