ثم بينت أن الإغراء كالتحذير فى التزام إضمار الناصب مع التكرار والعطف ، وعدم التزامه مع عدمهما.
ومعنى الإغراء : إلزام المخاطب العكوف على ما يحمد العكوف عليه من مواصلة ذوى القربى ، والمحافظة على عهود المعاهدين ، ونحو ذلك ؛
كقولك لمن تغريه برعاية الخلة وهى : المودة : الخلة الخلة ، أى : الزم الخلة ، والثانى من الاسمين بدل من اللفظ بالفعل.
وكذا المعطوف ؛ كقولك لمن تغريه بالذب والحمية : «الأهل والولد» أى : الزم الذب عنهم.
ومنه قول الشاعر : [من الطويل]
أخاك أخاك إنّ من لا أخا له |
|
كساع إلى الهيجا بغير سلاح (١) |
وقد يجاء باسم المحذر منه ، والمغرى به مع التكرار مرفوعا ؛ قال الفراء فى «كتاب المعانى» (٢) ـ فى قوله تعالى ـ : (ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها) [الشمس : ١٣] : «نصب الناقة على التحذير ، وكل تحذير فهو نصب ، ولو رفع على إضمار : هذه ناقة الله ، لجاز ؛ فإن العرب قد ترفع ما فيه معنى التحذير» ؛ وأنشد : [من الخفيف]
إنّ قوما منهم عمير وأشبا |
|
ه عمير ومنهم السّفّاح |
لجديرون بالوفاء إذا قا |
|
ل أخو النّجدة : السّلاح السّلاح (٣) |
فرفع ، وفيه معنى الأمر بلبس السلاح.
ولله الحمد ـ وحده ـ.
__________________
(١) البيت لمسكين الدارمى فى ديوانه ص ٢٩ ، والأغانى ٢٠ / ١٧١ ، ١٧٣ ، وخزانة الأدب ٣ / ٦٥ ، ٦٧ ، والدرر ٣ / ١١ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٢٧ ، وشرح التصريح ٢ / ١٩٥ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٠٥ ، ولمسكين أو لابن هرمة فى فصل المقال ص ٢٦٩ ، ولقيس بن عاصم فى حماسة البحترى ص ٢٤٥ ، ولقيس بن عاصم أو لمسكين الدارمى فى الحماسة البصرية ٢ / ٦٠ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٧٩ ، وتلخيص الشواهد ص ٦٢ ، والخصائص ٢ / ٤٨٠ ، والدرر ٦ / ٤٤ ، وشرح شذور الذهب ص ٢٨٨ ، وشرح قطر الندى ص ١٣٤ ، والكتاب ١ / ٢٥٦.
(٢) ينظر : معانى القرآن للفراء (٣ / ٢٦٨).
(٣) البيت بلا نسبة فى الخصائص ٣ / ١٠٢ ، والدرر ٣ / ١١ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٨٣ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٠٦ ، والهمع ١ / ١٧٠.