قليلا به ما يحمدنّك وارث |
|
إذا نال ممّا كنت تجمع مغنما (١) |
وإنما كثر هذا التوكيد بعد «ما» الزائدة لشبهها بلام القسم ؛ قال سيبويه ـ بعد تمثيله بـ «ربّما تقولنّ ذلك» ، و «كثر ما تقولنّ ذلك» (٢) ـ : «ولا يقع بعد هذه الحروف إلا وما لازمة فأشبهت عندهم لام القسم». هذا نصه.
ولا يلزم هذا التوكيد إلا بعد القسم.
وإلى هذا أشرت بقولى :
وليس توكيد بنون يلتزم |
|
فى غير فعل مثبت بعد القسم |
ثم بينت أن الفعل بعد «إمّا» يقل وقوعه بلا نون ؛ ولذا لم يجئ فى القرآن بعدها إلا مؤكدا ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى) [الأنعام : ٦٨].
وزعم بعضهم أن ذلك لازم ، وأن نحو : «إمّا تفعل أفعل» غير جائز.
وليس بصحيح ؛ بل هو جائز قليل ؛ كقول الراجز : [من الرجز]
إمّا ترينى اليوم أمّ حمز |
|
قاربت بين عنقى (٣) وجمزى (٤) |
ومثله قول الشاعر : [من الكامل]
إمّا ترى رأسى تغيّر لونه |
|
شمطا فأصبح كالثّغام المخلس |
وقال آخر : [من البسيط]
يا صاح إمّا تجدنى غير ذى جدة |
|
فما التّخلّى عن الخلّان من شيمى (٥) |
__________________
(١) البيت لحاتم الطائى فى ديوانه ص ٢٢٣ ، والدرر ٥ / ١٦٣ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٠٥ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩٥١ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٢٨ ، ونوادر أبى زيد ص ١١٠ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ١٠٥ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٩٧ ، وهمع الهوامع ٢ / ٧٨.
(٢) فى الكتاب «وكثر ما تقولن ذاك». ينظر : الكتاب (٣ / ٥١٨).
(٣) العنق : ضرب من سير الدواب. ينظر : مقاييس اللغة (عنق).
(٤) والجمز : ضرب من العدو. ينظر : اللسان (جمز).
والرجز لرؤبة فى ديوانه ص ٦٤ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٥٨ ، وشرح المفصل ٩ / ٦ ، والكتاب ٢ / ٢٤٧ ، والمقتضب ٤ / ٢٥١ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ٢٤٠ ، والإنصاف ١ / ٣٤٩.
(٥) البيت بلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٩٧ ، وخزانة الأدب ١١ / ٤٣١ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٩٧ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٠٤ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٣٩.