زيارة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : إذا أراد الحاجُّ أو المعتمر الانصراف من مكّة ـ أدام الله تشريفها وتعظيمها ـ طلب منه أن يتوجّه إلى المدينة المنوّرة للفوز بزيارته ـ عليه الصلاة والسلام ـ فإنّها من أعظم القربات وأفضل الطاعات وأنجح المساعي المشكورة ، ولا يختصُّ طلب الزيارة بالحاجّ غير أنّها في حقِّه آكد ؛ والأولى تقديم الزيارة على الحجّ ـ إذا اتّسع الوقت ـ فإنّه ربّما يعوقه عنها عائق ؛ وقد ورد في فضل زيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم أحاديث ، منها قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من زار قبري وجبت له شفاعتي» ، وينبغي الحرص عليها وعدم التخلّف عنها عند القدرة على أدائها خصوصاً بعد حجّة الإسلام ؛ لأنَّ حقّه صلىاللهعليهوآلهوسلم على أُمّته عظيم ، وينبغي لمريد الزيارة أن يكثر من الصلاة والسلام عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم في طريق ذهابه إليها ، وإذا وصلها استحبَّ له أن يغتسل ثمّ يتوضّأ أو يتيمّم ـ عند فقد الماء ـ ثمّ ذكر جملةً من آداب الزيارة ولفظاً مختصراً من زيارة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والشيخين.
٤١ ـ قال الشيخ محمد زاهد الكوثري في تكملة السيف الصقيل (ص ١٥٦):
والأحاديث في زيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم في الغاية من الكثرة ، وقد جمع طرقها الحافظ صلاح الدين العلائي في جزء كما سبق ، وعلى العمل بموجبها استمرّت الأمّة ، إلى أن شذَّ ابن تيميّة عن جماعة المسلمين في ذلك. قال عليّ القاري في شرح الشفا (١) : وقد فرّط ابن تيميّة من الحنابلة حيث حرّم السفر لزيارة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كما أفرط غيره ، حيث قال : كون الزيارة قربةً معلوم من الدين بالضرورة ، وجاحده محكوم عليه بالكفر ، ولعلّ الثاني أقرب إلى الصواب ؛ لأنَّ تحريم ما أجمع العلماء فيه بالاستحباب يكون كفراً ، لأنّه فوق تحريم المباح المتّفق عليه.
فسعيه في منع الناس من زيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يدلُّ على ضغينةٍ كامنةٍ فيه نحو الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكيف يتصوّر الإشراك بسبب الزيارة والتوسّل في المسلمين الذين
__________________
(١) شرح الشفا : ٢ / ١٥١.