٦ ـ إذا دنا من حرم المدينة وشاهد أعلامها وربُاها وآكامها ، فليستحضر وظائف الخضوع والخشوع مستبشراً بالهنا وبلوغ المنى ، وإن كان على دابّة حرّكها تباشراً بالمدينة ، ولا بأس بالترجّل والمشي عند رؤية ذلك المحلّ الشريف كما يفعله بعضهم ؛ لأنَّ وفد عبد القيس لمّا رأوا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نزلوا عن الرواحل ولم ينكر عليهم ، وتعظيمه بعد الوفاة كتعظيمه في الحياة. وقال أبو سليمان داود المالكي في الانتصار : إنَّ ذلك يتأكّد فعله لمن أمكنه من الرجال ، وإنّه يستحبّ تواضعاً لله تعالى وإجلالاً لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وحكى القاضي عياض في الشفا (١) : أنَّ أبا الفضل الجوهري (٢) لمّا ورد المدينة زائراً وقرب من بيوتها ترجّل باكياً منشداً :
ولمّا رأينا رسمَ من لم يَدَعْ لنا |
|
فؤاداً لعرفانِ الرسومِ ولا لُبّا |
نزلنا عن الأكوارِ نمشي كرامةً |
|
لمن بانَ عنه أن نلمَّ به ركبا |
وقد ضمّنها القاضي عياض في قصيدة نبويّة له يقول بعدهما :
وتهنا بأكنافِ الخيامِ تواجداً |
|
نُقبِّلها طوراً ونرشفُها حُبّا |
ونُبدي سروراً والفؤاد بحبِّها |
|
تقطّعَ والأكبادُ أورى بها لهبا |
أقدِّم رجلاً بعد رجلٍ مهابةً |
|
وأسحبُ خدّي في مواطنِها سحبا |
وأسكبُ دمعي في مناهل حبِّها |
|
وأُرسل حبّا في أماكنها النجبا |
وأدعو دعاءَ البائسِ الوالهِ الذي |
|
براهُ الهوى حتى بدا شخصُه شجبا |
٧ ـ إذا بلغ حرم المدينة الشريفة ، فليقل بعد الصلاة والتسليم : اللهمّ هذا حرم
__________________
(١) الشفا بتعريف حقوق المصطفى : ٢ / ١٣٠.
(٢) عبد الله بن الحكيم الرندي الأندلسي ، من علماء الحديث والقراءات والعربية ، وله شعر رائق. (المؤلف)