نحن وفدكَ يا رسول الله وزوّارك ، جئناك لقضاء حقِّك والتبرّك بزيارتك والاستشفاع بك إلى ربِّك تعالى ؛ فإنَّ الخطايا قد أثقلت ظهورنا ، وأنت الشافع المشفَّع الموعود بالشفاعة العظمى والمقام المحمود ، وقد جئناك ظالمين لأنفسنا ، مستغفرين لذنوبنا ، سائلين منك أن تستغفر لنا إلى ربّك ، فأنت نبيّنا وشفيعنا ، فاشفع لنا إلى ربّك ، واسأله أن يميتنا على سنّتك ومحبّتك ، ويحشرنا في زمرتك ، وأن يوردنا حوضك غير خزايا ولا نادمين.
قال القسطلاني في المواهب اللدنيّة (١) : وينبغي للزائر له صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يكثر من الدعاء والتضرُّع والاستغاثة والتشفّع والتوسّل به صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فجدير بمن استشفع به أن يشفِّعه الله فيه. قال : وإنَّ الاستغاثة هي طلب الغوث فالمستغيث يطلب من المستغاث به إغاثته أن يحصل له الغوث ، فلا فرق بين أن يعبِّر بلفظ الاستغاثة ، أو التوسّل ، أو التشفّع ، أو التوجّه أو التجوُّه ـ لأنَّهما من الجاه والوجاهة ، ومعناهما علوّ القدر والمنزلة ـ وقد يتوسّل بصاحب الجاه إلى من هو أعلى منه. قال : ثمّ إنَّ كلاّ من الاستغاثة ، والتوسّل والتشفّع ، والتوجّه بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كما ذكره في تحقيق النصرة (٢) ومصباح الظلام (٣) واقع في كلّ حال : قبل خلقه وبعد خلقه ، في مدّة حياته في الدنيا وبعد موته في البرزخ ، وبعد البعث في عرصات القيامة.
ثمّ فصّل ما وقع من التوسّل والاستشفاع به صلىاللهعليهوآلهوسلم في الحالات المذكورة.
وقال الزرقاني في شرح المواهب (٨ / ٣١٧) : ونحو هذا في منسك العلاّمة خليل ، وزاد : وليتوسّل به صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويسأل الله تعالى بجاهه في التوسّل به ، إذ هو محطُّ جبال الأوزار وأثقال الذنوب ؛ لأنَّ بركة شفاعته وعظمها عند ربِّه لا يتعاظمها ذنب ، ومن
__________________
(١) المواهب اللدنيّة : ٤ / ٥٩٣.
(٢) تحقيق النصرة : ص ١١٣.
(٣) مصباح الظلام : ٢ / ٣٥٢.