الرسالة ، وأوّل أرض مسَّ جلدَ المصطفى ترابها ؛ أن تُعظَّم (١) عرصاتها ، وتنسّم نفحاتها ، وتُقبَّل ربوعها وجدرانها.
يا دارَ خير المرسلين ومن به |
|
هُديَ الأنامُ وخصَّ بالآياتِ |
عندي لأجلِكِ لوعةٌ وصبابةٌ |
|
وتشوّقٌ متوقِّدُ الجمراتِ |
وعليَّ عهدٌ إن ملأت محاجري |
|
من تلكمُ الجدرانِ والعرصاتِ |
لأُعفِّرنَّ مصونَ شيبي بينها |
|
من كثرةِ التقبيلِ والرشفاتِ |
لو لا العوادي والأعادي زرتُها |
|
أبداً ولو سحباً على الوجناتِ |
لكن سأهدي من حفيل تحيّتي |
|
لقطينِ تلك الدارِ والحجراتِ |
١٣ ـ قال قاضي القضاة شهاب الدين الخفاجي الحنفي المتوفّى (١٠٦٩) في شرح الشفا (٢) (٣ / ٥٧٧) عند قول القاضي ـ ونقل من كتاب أحمد بن سعيد الهندي في من وقف بالقبر أن لا يلصق به ولا يمسّه بشيء من جسده ـ : فلا يقبّله ، فيكره مسّه وتقبيله وإلصاق صدره لأنَّه ترك أدب ، وكذا كلّ ضريح يكره فيه ، وهذا أمر غير مجمع عليه ؛ ولذا قال أحمد والطبري : لا بأس بتقبيله والتزامه. وروي أنَّ أبا أيّوب الأنصاري كان يلتزم القبر الشريف ، قيل : وهذا لغير من لم يغلبه الشوق والمحبّة ، وهو كلام حسن.
وقال (٣) في (٣ / ٥٧١) عند قول ابن أبي مليكة : ـ من أحبَّ أن يكون وِجاه النبيّ فيجعل القنديل الذي في القبلة عند القبر على رأسه ـ : هو إرشاد لكيفيّة الزيارة وأن يكون بينه وبين القبر فاصل ، فقيل : إنَّه يبعد عنه بمقدار أربعة أذرع ، وقيل : ثلاثة وهذا مبنيٌّ على أنَّ البعد أولى وأليق بالأدب كما كان في حياته صلىاللهعليهوآلهوسلم وعليه الأكثر ،
__________________
(١) أن وما بعدها في تأويل مصدر على أنّه مبتدأ مؤخر للخبر المتقدم : (جدير) في أول الكلام. (المؤلف)
(٢) نسيم الرياض : ٣ / ٥٢٤.
(٣) نسيم الرياض : ص ٥١٧.