على كلّ قبر قنديلاً ، فقال : ما هذا؟ فقيل له : أما علمت أنّه نور لأهل القبور ، ينوّرهم بنزول هذا الرجل بين أظهرهم ، وقد كان فيهم من يُعذّب فرحم.
وبإسناده عن عبيد بن شريك قال : مات رجل مخنّت فرُئي في النوم فقال : قد غُفر لي ، دفن عندنا أحمد بن حنبل فغفر لأهل القبور.
وبإسناده في (ص ٤٨٣) عن أبي عليّ الحسن بن أحمد الفقيه ، قال : لمّا ماتت أُمُّ القطيعي دفنها في جوار أحمد بن حنبل ، فرآها بعد ليال [فقال : ما فعل الله بكِ؟] (١) فقالت : يا بُنيّ رضي الله عنك ، فلقد دفنتني في جوار رجل ينزل على قبره في كلّ ليلة ـ أو قالت في كلّ ليلة جمعة ـ رحمة تعمُّ جميع أهل المقبرة ، وأنا منهم.
قال : قال أبو عليّ : وحكى أبو ظاهر الجمّال ـ شيخ صالح ـ قال : قرأت ليلة وأنا في مقبرة أحمد بن حنبل ، قوله تعالى (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) (٢) ، ثمّ حملتني عيني فسمعت قائلاً يقول : ما فينا شقيٌّ والحمد لله ببركة أحمد.
وقال : بلغني عن بعض السلف القدماء قال : كانت عندنا عجوز من المتعبِّدات قد خلت بالعبادة خمسين سنة ، فأصبحت ذات يوم مذعورة ، فقالت : جاءني بعض الجنِّ في منامي فقال : إنّي قرينك من الجنِّ ، وإنَّ الجنَّ استرَقَت السمع بتعزية الملائكة بعضها بعضاً بموت رجل صالح يقال له : أحمد بن حنبل ، وتربته في موضع كذا ، وإنَّ الله يغفر لمن جاوره ، فإن استطعت أن تجاوريه في وقت وفاتك فافعلي ، فإنّي لك ناصح ، وإنَّك ميّتة بعده بليلة. فماتت كذلك فعلمنا أنّه منام حقّ.
قال الأميني : هذه نماذج من كلمات الحنابلة في زيارة قبر إمامهم أحمد وبركة جواره ، وهذه سيرتهم المطّردة فيها وفي زيارة قبور مشايخهم كما يأتي ، فشتّان بينها
__________________
(١) الزيادة من المصدر.
(٢) هود : ١٠٥.