والصادق (١) ، لا هذا يبالي بمغبّة فريته ، ولا ذاك يكترث لكشف سوأته ؛ وفي مؤخّر القوم كيذبان أشوس شدّد النكير عليها ، وبالغ في اللغوب ، وتلمّخ بالعجب العجاب ، ألا وهو : عبد الله القصيمي. قال في الصراع (٢) (١ / ٨٥):
الكذّابة حقّا كثيرة في رجال الشيعة وأصحاب الأهواء ، طمعاً في الدنيا وتزلّفاً إلى أصحابها ، أو كيداً للحديث والسنّة وحنقاً على أهلها ، ولكنّ علماء السنّة كشفوا ذلك وأبانوه أتمَّ البيان ـ إلى أن قال ـ : وليس في رجال الحديث من أهل السنّة من هو متّهم بالوضع والكذابة طمعاً في الدنيا ، وازدلافاً إلى أهلها ، وانتصاراً للأهواء والعقائد المدخولة الباطلة.
نعم ؛ قد يوجد بينهم من ساء حفظه أو من كثر نسيانه ، أو من انخدع بالمدلّسين الضعفاء ، ولكن رجال التراجم والجرح والتعديل قد بيّنوا هذا النوع كلّه.
الجواب : لعلّ الباحث يحسب لهذه الدعاوي المجرّدة الفارغة مسّةً من الصدق أو لمسةً من الحقِّ ، ذاهلاً عن أن الغالب على الأقلام المستأجرة اليوم هو الإفك وقول الزور ، وأنّ مدار رُقيّ الأمم في وجه البسيطة وتقدّمها على الكذب والشطط ، ومحور سياسة الدنيا في جهاتها الستّ هو الهثُ (٣) والدجل والتمويه ؛ وأنّ كثيراً من الدعايات في المبادئ والآراء والمعتقدات تحكّمات محضة ، وتقوّلات لا طائل تحتها ، ملفوفة بأفانين الخبّ والخدع ؛ وهناك فئات مبثوثة في الملأ كلّها لا تتأتّى مآربهم من زبرج الدنيا إلاّ بزخرف القول وكذب الحديث ، وتعمية الأُميّين من الناس ، وسوقهم إلى معاسيف السبل ومعاميها ، ولولا تهديد المولى سبحانه عباده بقوله : (ما يَلْفِظُ مِنْ
__________________
(١) يجده الباحث في غير واحد من كتب القوم سلفاً وخلفاً. (المؤلف)
(٢) مرّ مجمل القول حول هذا الكتاب في الجزء الثالث : ص ٢٨٨ ـ ٣٠٩. (المؤلف)
(٣) الهثّ : الكذب.